تسربت أنباء صحفية تتحدث عن اتجاه في وزارة البترول لإعادة تعيين الوزير السابق محمد إبراهيم سليمان في المنصب الذي أرغم علي تركه بحكم قضائي وتزامن مع هذه الأخبار نشر حوار مع الوزير السابق احتل صفحة بجريدة «الأهرام» وأخري بـ «أخبار اليوم». والحوار مكرس بكل كلمة فيه للدفاع عن تصرفات الوزير السابق ونفي الاتهامات التي تحقق فيها النيابة معه. ومن يعرف أسلوب الحكومة في تسويق تصرفاتها يستطيع أن يربط بين هذه الحوارات الصحفية بالصحف الحكومية وبين الأخبار التي تم تسريبها عن النية في إعادة الوزير السابق ليرأس الشركة التي أرغم علي تركها بحكم القضاء.
موقف الحكومة من «ظاهرة» محمد إبراهيم سليمان يضعها في دائرة اتهامات بالغة الخطورة لعل في مقدمتها ما يفسر به البعض المحاولات المستميتة لتبرئة محمد إبراهيم سليمان بأن السرفي هذه المحاولات هو خشية الحكومة من أن يكشف الوزير السابق عن أسرار خطيرة تتعلق بقيادات تحتل مراكز مرموقة شاركته في عمليات مماثلة للعمليات التي يتم التحقيق معه بشأنها. وهذا التفسير يلقي رواجًا بين قطاعات كبيرة من الشعب المصري خاصة أن للوزير السابق تصريحات صحفية تحمل إشارات موحية في هذا المجال.
وإذا كان مثل هذا التفسير هو الأخطر لأنه يعلق اتهامات مماثلة للاتهامات الموجهة للوزير السابق علي رءوس جميع القيادات العليا بالدولة، فإن باقي الاتهامات التي تواجهها الحكومة نتيجة لمحاولاتها المستميتة لتبرئة الوزير السابق، هذه الاتهامات لا تقل خطورة عن الاتهام الأول.
> من هذه الاتهامات ترك الوزير السابق يتحرك بحرية مطلقة ويلتقي برجال الأعمال الذين شملهم الاتهام الذي تحقق فيه النيابة، ومقابلة المسئولين السابقين بوزارة الإسكان، وفي مثل هذه اللقاءات يتم ترتيب الأوراق والمستندات والاتفاق علي الأقوال التي سيدلي بها هؤلاء أمام النيابة عند استدعائهم للتحقيق معهم.
هذا الوضع الشاذ يسمح للمتهم بأن يوجه من سيتم التحقيق معهم الوجهة التي تساهم في تبرئته. وأظن أن هذا الوضع الشاذ لا مثيل له في قضايا مماثلة، خاصة أن هذه اللقاءات والتحركات للمتهمين تنشر في الصحف!!
> ومنها نشر الصفحات الكاملة بالصحف الحكومية التي يعرف الجميع أنها تأتمر بأمر الحكومة وهي صفحات مكرسة للدفاع عن المتهم، فضلاً عن إبراز أقوال رجال الأعمال الذين أدلوا بأقوالهم أمام النيابة، ويلفت الانتباه أن الصحف نشرت تطوع أحد المواطنين بالذهاب إلي النيابة وتقديم عقد شراء فيللا خاصة بعائلة الوزير السابق حتي تنفي أن المشتري الحقيقي هو رجل أعمال له صلة بالاتهامات الموجهة للوزير السابق.
ومن المفارقات المضحكة والمبكية معا أن الصحف نشرت سؤالاً استنكاريًا وجهه وكيل النيابة للمشتري وهو «كيف علم أن النيابة ستطلب مثل هذا العقد؟» وبالمناسبة فالمشتري قريب رجل الأعمال المتهم بالتورط في القضايا محل التحقيق.
وأعود إلي الخبر الذي تم تسريبه عن إعادة تعيين الوزير السابق رئيسًا لشركة الخدمات البحرية التابعة لوزارة البترول. والخبر في تصوري تم تسريبه لقياس مدي رد الفعل عندما يتم فعلاً هذا التعيين.
ولا أستبعد أن يتم تعيين الوزير السابق رئيسًا لهذه الشركة لأن تعيينه أول مرة تم برغم الشعور بالصدمة والدهشة لدي الغالبية الساحقة من الجماهير التي رأت في قرار الحكومة تحديًا صارخًا لمشاعرها. فالرجل خرج من الوزارة تحوطه شبهات بغير حق. ولم يحدث أن ساد شعور عارم بالارتياح لدي الجماهير بخروج وزير من الوزارة كما حدث في حالة الوزير السابق محمد إبراهيم سليمان. ورغم ذلك أصر الدكتور نظيف والمهندس سامح فهمي - وزير البترول - علي تحدي مشاعر الشعب المصري بتعيين الوزير السابق رئيسًا لشركة كبري من شركات وزارة البترول وتحديد راتبه ومكافآته بمبالغ خيالية.
وإذا كان الدكتور نظيف ووزير البترول لا يعنيهما مشاعر ممثلي الشعب من أعضاء مجلس الشعب فهل تتوقع أن يضعا في اعتبارهما جموع الشعب؟!
لقد أهان الدكتور نظيف ووزير البترول أعضاء مجلس الشعب إهانة بالغة عندما رفضا أن يطلعا أعضاء المجلس المفروض أنه يراقب ويحاسب الحكومة، علي عقود توريد الغاز لإسرائيل لأن هذه العقود تتضمن بنودًا سرية فيما يخص أهم ما تضمنته العقود وهو «سعرالتصدير» والكميات التي سيتم تصديرها. وحجب هذه المعلومات عن مجلس الشعب يمثل إهانة كبري لأن معناه أن أعضاء المجلس ليسوا أهلاً للثقة وأن علي أعضاء المجلس أن يقبلوا صاغرين سلبهم أهم حقوقهم ومسئولياتهم وهي محاسبة الحكومة علي كل ممارساتها، ومن أهم هذه الممارسات التي يجب أن يعرف أعضاء مجلس الشعب تفاصيلها كاملة الممارسات التي تتعلق بالتصرف في الثروات الطبيعية للشعب المصري.
وزارة تتصرف بهذا التحدي لمجلس الشعب هل تتصور أنها تأبه بمشاعر الجماهير المصرية؟