عيون الاسلام
مرحبا بيك فى منتدى عيون الاسلام
ثمة مجتمع هنا باذخ بالعطاء مسرف بالجمال ينتظرك!
برائحة الهيل وكرم السيل .. من مجتمع لكِ إلى نصف المجتمع .. لك ..
من وهج حروفها ينبعث النور ومن جمال حضورها يولد الجيــل ..
فانضم لحزمة الضوء وبادر بالتسـ ... جيــل ..!


عيون الاسلام
مرحبا بيك فى منتدى عيون الاسلام
ثمة مجتمع هنا باذخ بالعطاء مسرف بالجمال ينتظرك!
برائحة الهيل وكرم السيل .. من مجتمع لكِ إلى نصف المجتمع .. لك ..
من وهج حروفها ينبعث النور ومن جمال حضورها يولد الجيــل ..
فانضم لحزمة الضوء وبادر بالتسـ ... جيــل ..!


عيون الاسلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عيون الاسلام

ثمة مجتمع هنا باذخ بالعطاء مسرف بالجمال ينتظرك!
 
الرئيسيةعيون 2أحدث الصورالتسجيلدخولمربا بيك فى عيون الاسلام
المواضيع الأخيرة
» منتديات بحر العرب | sea-alarab.yoo7.com
تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1الخميس يونيو 24, 2021 11:39 pm من طرف البرق2009

» اكاديمية شبابيات الشيخ سلطان الدغيلبي للتدريب والتطوير
تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1الخميس يوليو 30, 2015 9:15 pm من طرف نعومة الورد

» ويندوز 2010 احدث نسخة ويندوز XP SP3 اصلية بدون تعديل
تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1الإثنين مايو 18, 2015 10:59 pm من طرف magdyzayed

» ادعوكم للمشاركه في افضل المنتديات الادبية ونات الحنين
تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1الجمعة مايو 02, 2014 7:02 pm من طرف نعومة الورد

» الدعاء في ليلة القدر مستجاب بإذن الله
تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1الأحد أغسطس 04, 2013 5:19 am من طرف ايمن شعبان

» أريد أن أشرف على قسم من أقسام المنتدى بمرتب شهرى
تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1الأحد أغسطس 04, 2013 4:37 am من طرف ايمن شعبان

» أين أعضاء المنتدى
تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1الخميس يوليو 25, 2013 11:59 am من طرف faouaz

» توصيات الفوركس عبر الجوال
تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1الجمعة يونيو 21, 2013 6:38 pm من طرف eecfc

» توصيات الأسهم السعودية عبر الجوال
تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1الجمعة يونيو 21, 2013 6:37 pm من طرف eecfc

» القضاء الإداري يؤجل غلق المواقع الإباحية على الإنترنت لجلسة 2 يوليو
تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1السبت يونيو 01, 2013 8:01 pm من طرف عيون الاسلام

»  إثيوبيا تشكر إسرائيل والإمارات والسعودية على تمويل سد النهضة
تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1السبت يونيو 01, 2013 7:49 pm من طرف عيون الاسلام

» حبس 5 من البلاك بلوك فى اشتباكات كورنيش النيل أمس
تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1السبت يونيو 01, 2013 7:40 pm من طرف عيون الاسلام

» بعد إخلاء سبيلهم.. أعضاء "البلاك بلوك" و"6 أبريل" يغادرون مديرية أمن القاهرة
تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1السبت يونيو 01, 2013 7:19 pm من طرف عيون الاسلام

» برنامج تعليم احكام التجويد للقران الكريم بالصوت والصوره
تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1الخميس مايو 23, 2013 1:48 pm من طرف ايمن شعبان

» صور السياسيين وهم صغيرين
تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1السبت مايو 11, 2013 12:55 pm من طرف رانيا محمد

» نصرة ومواساة بورما وسوريا و فلسطين و افغانستان و.. واجب شرعي
تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1الجمعة مايو 10, 2013 7:51 pm من طرف عيون الاسلام

» السلفية الجهادية تقاطع مليونية نصرة القدس وتدعو مرسى لفتح باب الجهاد
تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1الخميس مايو 09, 2013 10:05 pm من طرف ايمن شعبان

» إسرائيل تعتذر رسميا لمصر عن حادث "كنيسة القيامة
تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1الخميس مايو 09, 2013 9:43 pm من طرف رانيا محمد

» معتز عبد الفتاح: نمتلك نخبة لو كانت فى إسرائيل لدمرتها
تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1الخميس مايو 09, 2013 9:26 pm من طرف رانيا محمد

» بعض الاسلاميين يشربون الشاي في مظاهرات اليوم الرافضة لعودة سياسات امن الدولة القمعية
تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1الخميس مايو 09, 2013 9:00 pm من طرف ايمن شعبان

عدد زائرين المنتدى

 

نتيجة استفتاء تزايد الإضطرابات الأمنية فى المحافظات ؟

نتيجة استفتاء تزايد الإضطرابات الأمنية فى المحافظات ؟

 

معرفة الله

 

بسبب سقوط هيبة الدولة

لضعف الأداء الأمني للشرطة

لقرب موعد الإنتخابات

اعلانات عيون الاسلام
 
 
 
 
 
اشترك بالقائمة البريدية
 
Link
 
موقع الطريق الى الله
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
منتدى الدكتور احمد عامر
 

 

 تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ايمى2010
Admin
Admin
ايمى2010


تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Oui-caaoni-albums-oui-caaoni-picture514-egypt-1
انثى
عدد المساهمات : 767
تاريخ التسجيل : 20/08/2009
العمر : 32

تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Empty
مُساهمةموضوع: تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام   تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1الجمعة ديسمبر 23, 2011 8:25 pm

كيف تسللت الليبرالية إلى العالم الإسلامي ؟

1-مفهوم الليبرالية:
مصطلح الليبرالية مذهب ينادي بالحرية الكاملة، وفي ميادين الحياة المختلفة، لاتقيدها أحكام الدين . والليبرالية كغيرها من المذاهب السياسية والاجتماعية تعدّ نمطاً فكرياً عاماً، ومنظومة متشابكة من المعتقدات والقيم، تشكلت عبر قرون عدة، منذ القرن السابع عشر[1].
وقد ساهم عدد كبير من المفكرين في صياغة الفلسفة الليبرالية كان من أبرزهم، جون لوك (1632-1704م)، وآدم سميث (1723-1790م) وجيرمي بنثام (1748-1832م)، وجون ستيوارت مل (1806-1873م)، وجان فرانسوا فولتير (1694-1778م)، وجان جاك روسو (1712-1778م) وأليكسيس دي توكفيل (1805-1859م) وغيرهم.
وفكرة الليبرالية الأساسية في الاقتصاد هي الحرية الاقتصادية، بمعنى عدم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، أو أن يكون تدخلاً محدوداً وعلى أضيق نطاق، فواجبات الدولة محدودة، يجب أن لا تتجاوزه[2].
والطبيعة – كما يقولون - تحترم الحرية، فمن الطبيعي أن يتمتع الإنسان بحريته الكاملة في النشاط الاقتصادي، وفقاً لما سُمي "المذهب الطبيعي"؛ فسعادة البشر وفق هذا المذهب تتحقق من خلال سعي كل فرد لتحقيق مصلحته الذاتية. وتم التعبير عن هذا المضمون بشعار "دعه يعمل، دعه يمر" وقد نظر آدم سميث بوضوح لهذه الفكرة في كتابه "ثروة الأمم" الصادر (1776م).
كما تصدى دافيد ريكاردو لشرحها في كتابه "الاقتصاد السياسي" الصادر (1817م) [3].
وتعود جذورالليبرالية – أيضًا - إلى أفكار جون لوك، الذي يؤكد على فكرة "القانون الطبيعي"، ووفقاً لهذه الفكرة فإن للأفراد بحكم كونهم بشراً حقوقاً طبيعية غير قابلة للتصرف فيها، كحرية الفكر وحرية التعبير، والاجتماع، والملكية[4].
وقد شكلت هذه الفكرة إلهاماً للثورات الكبرى في القرنين السابع عشر والثامن عشر، كالثورة الإنجليزية (1688م)، والأمريكية (1773م)، والفرنسية (1789م)، وما نتج عنها من نظم سياسية ليبرالية تبلورت معالمها في القرن التاسع عشر بوضوح أكبر[5].
وتعد أفكار المدرسة النفعية، وعلى وجه الخصوص أفكار جيرمي بنتام (1748-1832م) مصدرًا رئيسًا للفكر الليبرالي، وقد عبر عنها بوضوح في كتابه "نبذة عن الحكم" الصادر (1776م)، والفكرة النفعية ترسي قواعد القانون والدولة والحرية على أساس نفعي؛ فالحياة يسودها "سيدان" هما الألم واللذة؛ فهما وحدهما اللذان يحددان ما يتعين فعله أو عدم فعله، فليترك الفرد حراً في تقرير مصلحته بداع من أنانيته، وسعياً وراء اللذة، واجتناباً للألم.
والمحصلة هي حياة اجتماعية أكثر سعادة[6]، وفقاً لمبدأ "أعظم سعادة لأكبر عدد"، كمبدأ أخلاقي جديد للتمييز بين الخير والشر[7].
وتؤمن الليبرالية بجملة قيم أسياسية، تأتي "الحرية" في مقدمتها، حتى أنها اكتسبت اسمها من هذه القيمة، وحتى أن البعض رأى "أن الموقف الليبرالي هو التعبير الطبيعي عن الإيمان بالحرية[8]؛ فالهدف الأساس للمذهب الليبرالي هو ضمان الحرية أو التحرر، وغياب القيود والموانع المعيقة لحركة الإنسان ونشاطه، على أساس أنها تتعلق بممارسة الإنسان لحقوقه الطبيعية[9].
وآمن المذهب الليبرالي بقيمة هامة وأساسية بالنسبة لبنائه الفكري، وهي الفردية، فالفرد –هنا- هو الأساس، وواجب الدولة والمجتمع حماية استقلاله، وتسهيل سعيه لتحقيق ذاته، وإتاحة المجال أمامه للاختيار الحر[10].
وأعلت الليبرالية كثيراً من قيمة الملكية كأحد الحقوق الطبيعية للفرد، يتوجب صونها من كل تعدٍ أو جور[11]، وتحدثت الليبرالية عن المساواة بأشكالها السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية، وفي الحراك الاجتماعي[12].
أما فيما يتعلق بالصلة بين الليبرالية والديمقراطية، فإنه يمكن القول بأن الليبرالية تمثل الفلسفة الاجتماعية أو منهج التفكير أو النسق الفكري العام.
في حين أن الديمقراطية أنسب ما تكون لوصف نظام الحكم أو طريقة ممارسة السلطة السياسية. وقد بدأت الليبرالية أرستقراطية ثم أصبحت ذات صيغة شعبية بفعل كفاح الشعوب تعترف للجميع بالحقوق نفسه[13].

2-منافذ الفكر الليبرالي إلى مصر:
أ-الحملة الفرنسية على مصر 1789-1801م:
شكلت الحملة الفرنسية على مصر صدمة ثقافية وفكرية لمصر، وفتحت عيون المصريين على عالم جديد، وساهمت في تعريفهم بالفارق الحضاري الذي يفصلهم عن أوروبا.
فقد رافق نابليون في حملته هذه جمع من العلماء في تخصصات مختلفة. كما أدخل معه مطبعتين إحداهما عربية والأخرى فرنسية، وأنشأ الدواوين، وأنشأ مرصداً ومتحفاً ومختبراً ومسرحاً ومجمعاً علمياً. غير أن قصر الفترة التي مكثها الفرنسيون في مصر، إضافة إلى عدم استقرار الأوضاع لهم كما يشتهون، إلى جانب عدم الاندماج الفاعل بينهم وبين الشعب المصري. كل ذلك قلل من حجم الاستفادة المصرية من ثمرات التقدم الأوروبي التي جلبتها الحملة معه[14].
وقد دار جدل واسع بين الباحثين حول تقويم أثر الحملة الفرنسية التنويري، ومحصلة هذا الجدل كانت حول حجم ومدى التحولات الناجمة عن الحملة، لا حول وجودها من عدمه[15].
وفي كل الأحوال لابد من الحذر من الانسياق خلف مقولات تخدم الادعاءات حول دور تنويري للاحتلال الأجنبي.

ب-الخبراء الأجانب في مصر، والبعثات العلمية إلى أوروبا:
وتوثقت صلات مصر بأوروبا في عهد محمد علي، إذ اعتمد في تجربته الرائدة في بناء دولة مصرية حديثة على عدد من الخبراء الأجانب من الإيطاليين والفرنسيين.
كما اعتمد سياسة إرسال البعثات العلمية إلى أوروبا، فكانت هذه البعثات من العوامل الهامة في الانفتاح على الغرب وثقافته.
وقد بدأت حركة الابتعاث عام 1813م، بإرسال مجموعة من الطلبة المصريين إلى إيطاليا لدراسة الفنون العسكرية وبناء السفن، وتعلم الهندسة، ومنذ العام 1826م، بدأت حركة الابتعاث إلى فرنسا، وخلال الفترة 1813-1847م، تم إيفاد 339 مبعوثاً إلى أوروبا، وتواصلت سياسة الابتعاث طوال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين[16].
وبعد عودتهم عملوا في حقول التعليم والجيش والأعمال الهندسية والطب والترجمة. وكان دورهم واضحاً في تشكيل البيئة المناسبة لغرس أفكار التحديث الأوروبية[17].

ج-حركة الترجمة:
وشكلت حركة الترجمة أحد أهم منافذ الفكر الأوروبي إلى مصر، وقد بدأت في عهد محمد علي الذي أولاها رعاية خاصة، اقتناعاً منه بضرورتها للإطلاع على منجزات العلم الأوروبي، وكان تركيزه منصباً على الكتب العلمية، واعتمد في البداية على عدد من المترجمين الأوروبيين، ثم على الطلبة المصريين العائدين من البعثات العلمية.
ثم أنشأ دار الألسن عام 1835م لإعداد المترجمين، وتوسّعت حركة الترجمة لتشمل ميادين ثقافية وعلمية مختلفة، كالعلوم الرياضية، والعلوم الطبية، والطبيعية، والمواد الاجتماعية، والأدبية، والقوانين الفرنسية[18].
وبرز في ميدان الترجمة إضافة إلى رفاعه الطهطاوي (1801-1873م)، كل من أحمد عثمان (1829-1898م) الذي قدّم إلى المكتبة العربية عدة ترجمات لكتابات أدبية فرنسية، وأحمد فتحي زغلول[19] (1863-1914م)، وقد اهتم بترجمة كتابات سياسية واجتماعية أوروبية ذات توجهات ليبرالية واضحة، لا شك أنها قد أسهمت في تعريف المصريين بالفكر الليبرالي الغربي.
وكان يقدم لها بمقدمة يوضح فيها تعاطفه مع المبادئ والأفكار الليبرالية المبثوثة فيها، ويدعو القراء للإفادة منها، وكان من أبرزها "أصول الشرائع" لبنتام ونشرت الترجمة عام 1892م، وكتاب "سر تقدم الإنجليز السكسونيين"[20] لصاحبه إدمون ديمولان ونشرت الترجمة عام 1899م، وكتاب "روح الاجتماع" لجوستاف لوبون ونُشرت الترجمة عام 1909م، وكتاب "سر تطور الأمم" لجوستاف لوبون أيضاً، ونُشرت الترجمة عام 1913م. وكتاب روسو "العقد الاجتماعي"[21].
وتواصلت حركة الترجمة في مصر لتشكل نافذة تطل منها مصر ومعها العالم العربي على الغرب وثقافته وتياراته الفكرية على تنوعه[22]، واتخذت مكانة هامة في نظر دعاة الليبرالية كمرحلة لابد منها لخلق بيئة ثقافية وفكرية مناسبة تمهد لولوج مرحلة التأليف تالياً.
وقد دافع أحمد لطفي السيد، ود. محمد حسين هيكل، وغير واحد من رموز التيار الليبرالي، عن أن هذا العصر عصر ترجمة لا عصر تأليف بالنسبة لمصر[23].

د-الطباعة والصحافة:
ولا شك أن تطور الطباعة[24] في مصر كان حجر الزاوية في النشاط الثقافي وخاصة في ميدان الترجمة والنشر، وفي ميدان هام آخر هو ميدان الصحافة.
أما فيما يتعلق بالصحافة، فقد عرفت مصر نشاطاً صحفياً مميزاً منذ صدور "الوقائع المصرية" 1828م، فقد صدر عدد كبير من الصحف والمجلات طوال القرن التاسع عشر، ومطلع القرن العشرين وصولاً إلى فترة الدراسة[25].
ولا شك أن بعض الصحف والمجلات أدت دوراً بارزاً في التعريف بالفكر الأوروبي، كان في مقدمتها مجلة "المقتطف"[26]، ومجلة "الهلال"[27]، ومجلة "الجامعة العثمانية"[28].
ساهمت هذه المجلات في التعريف بالمذاهب الفكرية والفلسفية والأدبية والعلمية، وسائر ضروب الثقافة الغربية[29]، وعدّها إسماعيل مظهر صاحبة الفضل الأكبر في تطور الفكر العلمي في مصر، بل وعدّها نقطة التحول الأساسية في الفكر المصري الحديث[30].
وتبرز جريدة "الجريدة" الصادرة عام 1907م، بوصفها حاملة لراية الدعوة للفكر الليبرالي. وهي لسان حال حزب الأمة ذي التوجهات الليبرالية المعروفة، وترأس تحريرها أحمد لطفي السيد "فيلسوف" التيار الليبرالي المصري ومنظّره. وعلى صفحاتها برزت أسماء عدد من أكبر رموز التيار الليبرالي كطه حسين، ومحمد حسين هيكل، وعباس محمود العقاد، ومحمود عزمي، ومحمد عبدالقادر المازني، والشيخ مصطفى عبدالرازق[31].
ثم حملت الراية جريدة "السفور" الصادرة عام 1915م، وقد شكّلت حلقة وصل بين "الجريدة، و"السياسة" الصادرة عام 1922م لسان حال لحزب الأحرار الدستوريين، ورصيفتها "السياسة الأسبوعية" الصادرة عام 1926م، وتولى رئاسة تحريرها د. محمد حسنين هيكل.

3-أبرز مفكري التيار الليبرالي في مصر:
ساهمت جهود مشتركة وعبر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، في تهيئة البيئة المناسبة لتشكيل تيار فكري يتبنى الدعوة للفكر الليبرالي، وتوطينه في البيئة الفكرية المصرية.
- وتبرز جهود الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي[32] (1801-1873م)، ذات أهمية في المساهمة في تعريف القارئ المصري على اتجاهات الفكر الاجتماعي والسياسي في فرنسا، فقد نشر عدداً من الكتب، كان من أبرزها "تخليص الأبريز في تلخيص باريز، أو الديوان النفيس بإيوان باريز" عام 1834م، قدّم فيه فكرة عن الحياة في باريس، وعن الثقافة والعادات والتقاليد والقيم الفرنسية، واعتبره البعض بمثابة حجر الأساس في الفكر الاجتماعي والسياسي المصري، خلال القرن التاسع عشر[33]، كما أصدر في أواخر حياته كتاباً هاماً يمثل النضوج الفكري للطهطاوي، وهو "مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية" عام 1869، كما ترجم الدستور الفرنسي الذي سماه الشرطة الصادر عام 1814م، ووثيقة حقوق الإنسان، وكتاب "روح القوانين" لمونتسكيو، و"العقد الاجتماعي" لروسو، وغيرها من الكتب، التي تبشر بالقيم والمبادئ الليبرالية[34].
كما قدم لقرائه فكرة عن الدولة العلمانية، ومفهوم الدستور والقانون، وأنماط الحياة الاجتماعية، ومكانة المرأة في المجتمع الفرنسي، وأبدى إعجاباً بالمبادئ الدستورية، ومبادئ حقوق الإنسان، وفقاً للمنظور الغربي، والرابطة الوطنية والتسامح الديني، فقد اجتهد في تقريب صورة الغرب الأوروبي للعقل المصري، ومما لا شك فيه أنه قد شق الطريق أمام بروز التيار الليبرالي في الفكر المصري الحديث[35]، فقد عده بعضهم مؤسس الليبرالية المصرية[36].
- وقد واصل علي مبارك[37] (1823-1893م) متابعة جهود الطهطاوي في حقول الترجمة والتعليم.
وقد ساهم في بروز ما عُرف بالتعليم العلماني أو المدني الحديث الموازي للتعليم الديني الأزهري[38]، وقد أسهم في تعريف المصريين على جوانب جديدة من الحياة في الغرب في روايته "علم الدين"[39]، التي كتبها حوالي سنة 1858م.
- وبعيداً عن التصنيفات القطعية في تحديد الهوية الفكرية لهذا المفكر أو ذاك، فإن جمال الدين الأفغاني[40] (1839-1897م) قام بدور ليبرالي هام خلال فترة مكوثه في القاهرة (1871-1879).
ولا شك أنه ساهم في تهيئة المناخ الفكري الملائم للأفكار التحررية، فقد تبنى الدعوة إلى الحرية، والأفكار الدستورية، والإفادة من منجزات الغرب والتواصل معه، ومكافحة الاستعمار والاستبداد والظلم[41].
وتشكل من حوله جيل من التلامذة والمعجبين[42]، قادوا الحركة الفكرية في مصر، وتزعموا مايسمونه حركة الإصلاح هم وتلامذتهم من بعدهم.
- والشيخ محمد عبده[43] (1849-1905م) يأتي في مقدمة تلامذة الأفغاني وتأتي أهميته في سياق الحديث عن الفكر الليبرالي في مصر، من كونه يمثل مدرسة عصرانية تدعو – كما تزعم - إلى التوفيق بين الإسلام وبين حركة المدنية الحديثة[44]، فكان دوره حاسماً في حركة الثقافة المنفتحة على الغرب وعلومه، ، وهو رائد المنهج العصراني[45] .
لكنه لا يحبذ – مؤقتًا - ترك المجال للاتجاهات العلمانية الصرفة لتسود كل شيء[46].
لكن غالب تلامذته اتجهوا نحو ليبرالية علمانية وفق تطور تدريجي في أعقاب وفاة شيخهم[47]، وشرعت هذه الفئة في نشر مبادئ مجتمع علماني يدعي احترام الإسلام، لكن دون أن يجعله أساساً للحياة الاجتماعية[48] !!
- وقبل مواصلة الحديث عن تلامذة محمد عبده الذين ساروا في الخط الليبرالي، لابد من الإشارة إلى الدور الهام الذي قام به عبدالرحمن الكواكبي[49] (1848-1902م) في صياغة الفكر العربي الحديث، وإسهامه بالذات في محاربة الاستبداد، وكشف مخاطره وعواقبه، واعتباره السبب الرئيس المسؤول عن واقع التخلف الذي تعانيه الأمة.
وقد دافع عن الحرية، والعدالة والمساواة، من منظورمنفتح على التجربة الإنسانية، ولا شك أن هذه الأفكار تشكل جذراً أساسياً في دعم الفكر التحرري الليبرالي.
- ويُعد قاسم أمين[50] أحد أبرز تلامذة محمد عبده الذين جنحوا تدريجياً في مجاراة تيار التغريب، وإن كان اسمه قد اقترن بالدعوة إلى "تحرير المرأة"، فإن جهده الفكري قد اعتبر أحد الروافد الهامة التي صبت في التيار الليبرالي العام.
- ويأتي أحمد لطفي السيد[51] (1872-1963م) لينطلق بعيداً بالفكر الليبرالي في مصر عن النهج التوفيقي لمحمد عبده.
فقد استبعد الإسلام كتشريع وكمرجعية من مشروعه الفكري، وأخذ به كجانب خُلقي وكمرحلة تاريخية من مراحل تكوين الشخصية المصرية[52]، وأبدى إعجاباً شديداً بالفلسفة اليونانية، فعمد إلى ترجمة بعض مؤلفات أرسطو الذي كان من فرط إعجابه به يدعوه "سيدنا أرسطو رضي الله عنه"[53] !!
واعتبره جيل من الشباب المثقف، أستاذاً لهم، فأسموه "أستاذ الجيل"، ذاك الجيل الذي تتلمذ على يديه في "الجريدة" وفي "الجامعة المصرية"[54]، وتلقفوا أفكاره الليبرالية بكثير من الإعجاب والمتابعة[55].
ويكفي أن نعرف أن لطفي السيد هو الذي اشتق التسمية المناسبة برأيه للدلالة على "الليبرالية"، فأطلق عليها اسم "مذهب الحريين" وفضلها على تسميتها بمذهب "الحرية" أو مذهب "الأحرار"، وكان يسميه مذهب "اللبراليزم" أي مذهب أهل السماح. ونادى بجعل هذا المذهب أساساً للنظام السياسي والاجتماعي، ولكل علاقة بين الفرد والمجتمع، أو بين الفرد والحكومة[56].
كما اقترح تسمية حزب الأحرار الدستوريين عند تأسيسه باسم حزب "الحريين الدستوريين"[57].
وإذا كان الإمام محمد عبده يدعم نهجه الإصلاحي التوفيقي بـ"الفكرة" و "الموقف"، من خلال العمل في المؤسسات، فإن لطفي السيد ومعه جيل جديد من الليبراليين مارسوا تعزيز النهج التحديثي الليبرالي، عبر "الفكرة" بالجهد الفكري والثقافي، وعبر "الموقف" بالمشاركة في أجهزة الدولة، كتولي الوزارة، ورئاسة الجامعة وغيرها من مؤسسات التوجيه.
- ويظهر د. منصور فهمي (1886-1958م) [58]؛ كأحد أبرز رموز التيار الليبرالي. تلقى تعليمه العالي في باريس، وناقش في عام 1913م أطروحة الدكتوراه بعنوان "حالة المرأة في التقاليد الإسلامية وتطوراتها"، وهي أول رسالة قدمها مصري في علم الاجتماع.
وقد أشرف عليها المستشرق اليهودي ليفي بريل[59] (1857-1939م)،
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ايمى2010
Admin
Admin
ايمى2010


تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Oui-caaoni-albums-oui-caaoni-picture514-egypt-1
انثى
عدد المساهمات : 767
تاريخ التسجيل : 20/08/2009
العمر : 32

تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام   تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1الجمعة ديسمبر 23, 2011 8:28 pm

وتضمنت نقداً لاذعاً لأحوال المرأة في المجتمع الإسلامي، بل ولموقف الإسلام من المرأة، ونهج فيها منهج النقد التاريخي، المتحرر من الالتزام بقدسية الوحي، ومفسراً نصوص القرآن الكريم، والحديث الشريف، وسلوك الرسول عليه السلام وفقاً لمناهج المستشرقين.
وعندما عاد إلى مصر، عمل مدرساً في الجامعة المصرية، لكنه أُخرج منها عندما نشرت الصحف مقتطفات من أطروحته التي كتبها بالفرنسية، ولم يحاول إطلاقاً إعادة نشرها بالعربية، وكان عضواً في "جماعة السفور"، وفي الحزب الديمقراطي المصري، وأحد أبرز كتّاب "السياسة".
لكن منصور فهمي أعاد النظر في كثير من قناعاته الفكرية، فعاد ليبدي تفهماً لحقائق الإسلام بعيداً عن المفاهيم الاستشراقية التي خيمت على فكره في بواكير الشباب، وراح يعبر عن هذا الموقف منذ نهاية عقد العشرينيات، عبر مقالاته الصحفية، ونشاطه الفكري العام[60].
- ولا يمكن استكمال صورة الفكر الليبرالي في مصر دون التوقف مطولاً مع تجربة د. محمد حسين هيكل[61] (1888-1956م)، فقد تتلمذ في السياسة والفكر على لطفي السيد، وفي باريس انفتح على الثقافة الأوروبية بكل تجلياتها، وأبدى إعجاباً بها وحماساً كبيراً نحوه[62]، وساهم في صياغة الفكر الليبرالي في مصر عبر ترجماته المتعددة في الأدب الفرنسي خاصة لأناتول فرانس[63]، وعبر مؤلفاته، وكان من أهمها "جان جاك روسو: حياته وأدبه" (1921-1923م). وإن كان جهده الفكري والثقافي الأبرز في رئاسة تحرير "السياسة"، أبرز منابر الفكر الليبرالي في مصر خلال هذه المرحلة[64].
وإذا كان د. هيكل من أجرأ من عبّر عن أفكاره التحديثية الليبرالية، فإنه أيضاً تمتع بقدر عالٍ من الجرأة في التعبير عن مراجعات فكرية عميقة وجذرية إلى حد ما، في مرحلة العودة إلى الإسلام أو إلى "التوفيقية"[65] في عقد الثلاثينيات، لقد استفزته الهجمة التبشرية على مصر[66]، فتصدى له[67].
وبدأت المقالات الإسلامية تجد سبيلها للنشر على صفحات "السياسة"[68]، وانطلق يؤلف في الدراسات الإسلامية، فأصدر "حياة محمد" (1932-1935م)، و"في منـزل الوحي" 1936م، كما عبر بصراحة عن خيبة أمل عميقة بالحضارة الغربية، وبسياسات الغرب، وبفرص نجاح الثقافة الغربية في البيئة المصرية والعربية[69].
- ويعد د. طه حسين (1889-1973م) [70]، من أبرز دعاة الليبرالية والتحديث في هذه المرحلة، فبعد أن درس في الأزهر (1902-1908م)، غادره إلى الجامعة المصرية، فغادر بذلك ثقافة الأزهر ليتجه في طريق الثقافة الغربية المسيطرة في الجامعة المصرية، ولما انتقل للدراسة في باريس تعمّق التوجه نحو الغرب الثقافي في وجدان طه حسين وعقله.
أبدى اهتماماً بالفكر الاجتماعي منذ أن أعد أطروحته لنيل درجة الدكتوراه في جامعة السوربون عام 1918م، بعنوان "فلسفة ابن خلدون الاجتماعية" بإشراف عالم الاجتماع اليهودي إميل دور كهايم[71] (1858-1917م)، كما أبدى اهتماماً بالفلسفة اليونانية، والفلسفة والفكر الأوروبيين الحديثين. وارتبط بصداقة فكرية وسياسية حميمة مع أحمد لطفي السيد، كما ارتبط بحزب الأحرار الدستوريين، ثم تحول في مطلع الثلاثينيات نحو الوفد[72].
سخّر طه حسين كل جهوده الفكرية والأدبية والأكاديمية والسياسية، لخدمة الفكر الليبرالي الغربي الذي آمن به، ووقف حياته للدعوة للمفاهيم والقيم الليبرالية، وانخرط طويلاً في معركة "القديم والجديد"[73].
وكثيراً ما لجأ إلى الاستفزاز والإثارة، عندما كان يعمد إلى مصادمة الناس في معتقداتهم الدينية، كما فعل في كتابه "في الشعر الجاهلي"، وظلت تطارده تهمة تقديم "دراسات إلحادية" لطلبته في الجامعة، وتسببت في إخراجه من الجامعة عام 1931م[74]، لكنه ساهم في الحملة على النشاط التبشيري في مصر[75].
وأصدر في ديسمبر 1033م كتابه على "هامش السيرة"، وقد أتى متزامناً مع دراسات هيكل في السيرة.
لكن طه حسين لم يظهر شيئاً من المراجعة الفكرية كهيكل، ويصرح بأن هذه الدراسة تأتي في إطار تقديم الدراسات الأدبية الترفيهية، التي تقرّب صورة الأدب العربي القديم للشباب، وتقدم ترفيهاً للنفوس المتعبة؛ فيقول:
"وأحب أن يعلم هؤلاء أن العقل ليس كل شيء، وأن للناس ملكات أخرى ليست أقل حاجة إلى الغذاء والرضا من العقل، وأن هذه الأخبار والأحاديث إذا لم يطمئن إليها العقل، ولم يرضها المنطق، ولم تستقم لها أساليب التفكير العلمي، فإن في قلوب الناس وشعورهم وعواطفهم خيالهم وميلهم إلى السذاجة، واستراحتهم إليها من جهد الحياة وعنائها، ما يحبب إليهم هذه الأخبار ويرغبهم فيها، إلى أن يلتمسوا عندها الترفيه على النفس حين تشق عليهم الحياة، وفرق عظيم بين من يتحدث بهذه الأخبار إلى العقل على أنها حقائق يقرها العلم وتستقيم لها مناهج البحث، ومن يقدمها إلى القلب والشعور على أنها مثيرة لعواطف الخبر، صارفة عن بواعث الشر، معينة على إنفاق الوقت واحتمال أثقال الحياة وتكاليف العيش"[76].
كما أنه نشر في الفترة نفسها كتابة "من بعيد" وهو عبارة عن مجموعة مقالات كتبها خلال أعوام (1923-1930م)، وصدرت الطبعة الأولى منه عام 1935م، وهو لا يشير إلى أي تحول فكري عن الخط السابق.
ثم أصدر كتابه الأخطر وهو "مستقبل الثقافة في مصر" عام 1937م، وهو أوضح تعبير عن مشروع طه حسين الفكري القائم على التغريب، والعلمانية الصرفة[77].
- أما عباس محمود العقاد (1889-1964م) [78]، فقد أسهم بجهد فكري معتبر في دعم الفكر الليبرالي، وفي الدفاع عن توجهات الوفد الفكرية والسياسية، فقد بقي طيلة الفترة (1923-1935م)، يكتب المقال الافتتاحي في الصحافة الوفدية.
فقد آمن العقاد بالديمقراطية الليبرالية، ودافع عن الحرية، وتصدى في هذه المرحلة للفكر الاشتراكي وللشيوعية، ودافع بحرارة عن موقف الوفد الرافض لفكرة الخلافة، ولعقد مؤتمر الخلافة، ولتطلعات الملك فؤاد في هذا الشأن.
كما دافع بقوة عن التوجهات العلمانية للوفد، لكنه اختلف مع الوفد وخرج عليه شعوراً منه بأنه الوفد يساوم على مبادئ الديمقراطية الليبرالية[79]، كما أنه لم يكن من دعاة التغريب.
- ولعله ليس من الممكن ونحن نتحدث عن رموز التيار الليبرالي في مصر تجاهل إسماعيل مظهر (1891-19629) [80]، وهو صاحب فكرة إنشاء "حزب الفلاح" عام 1929م. وهو برنامج ليبرالي بمسوح اجتماعية أو اشتراكية مبهمة، يهدف إلى حل مشاكل الفلاح المصري، تقدم بهذه الفكرة للنحاس باشا "زعيم الأمة"، زعيم الوفد للنهوض بها وتنفيذها، لكن الوفد تجاهل الفكرة[81].

4-أبرز الأحزاب الليبرالية في مصر:

يمكن القول بأن مصر عرفت ثلاثة أحزاب ليبرالية خلال فترة الدراسة، هي الحزب الديمقراطي المصري (1919-1922م)، وقد أُشير في الفصل الأول إلى هذا الحزب وجذوره وكيف انتهى إلى الانخراط في حزب الأحرار الدستوريين.
أما الحزبان الآخران فهما حزب الأحرار الدستوريين (1922-1953م)، وحزب الوفد، وكنا قد تحدثنا عن دورهما في العملية السياسية في مصر أثناء فترة ما بين الحربين، وهنا نلقي ضوءاً على هويتهما الفكرية.
انتهج الحزبان الأيديولوجية الليبرالية نفسها، واختلفا في الشكل دون المضمون، وهو اختلاف قائم على صراعات شخصية، وعلى صراع سياسي، وتنافس حزبي ليس أكثر.
وكان الحزبان قد انطلقا من جذر فكري واحد هو مدرسة محمد عبده. ثم تبلورت الاتجاهات الليبرالية لديهما بمرور الوقت طيلة العقدين الأولين من القرن العشرين، في إطار حزب الأمة، ومدرسة "الجريدة"، ثم في "جماعة السفور" و"الحزب الديمقراطي المصري" وفي "الوفد المصري".
وتعمق الاتجاه العلماني في وجدان هؤلاء وخطابهم، في مطلع العشرينيات، بزيادة حدة الموجة العلمانية التغريبية التي اجتاحت مناحي الحياة المختلفة، وراحت تطيح بكثير مما تعارف عليه المجتمع من قيم وأفكار.
وقد استظلت هذه الموجة بغطاء الهيمنة الاستعمارية، التي فرضت نفسها على مصر والمنطقة من حوله[82]، كما استوحت الليبرالية المصرية الكثير من النموذج التغريبي الجاري على قدم وساق –آنذاك- في تركي[83].
لقد نظر الليبراليون في مصر بانبهار وإعجاب إلى التجربة العلمانية في تركيا، وظهر جدل فكري هام بين التيارات المختلفة تعقيباً على ما يجري في تركيا.
وظهر في الصحافة المصرية آلاف المقالات والتحقيقات حول التجربة الكمالية إعجاباً وتأييداً، أو انتقاداً وتحذيراً، لكن التيار الليبرالي أبدى إعجاباً شديداً بهذه التجربة[84].
وراح الليبراليون يثيرون في مصر نفس القضايا التي كانت تُثار في تركيا، كالخلافة، وتغريب التعليم، والتشريع والثقافة والأدب، والأزياء، والحروف اللاتينية والمطالبة بإلغاء الوقف، وإلغاء الإفتاء، والأخذ بالزواج المدني[85].
- وظهر حزب الأحرار الدستوريين كحزب للصفوة الاجتماعية والثقافية وكمدافع عن مبادئ الحرية والدستورية –كما يوحي بذلك اسمه-وكمؤمن بمبادئ العلمانية الشاملة، واعتبرت "السياسة" لسان حاله منبراً للفكر الليبرالي.
ويمكن تحديد ملامح الرؤية الفكرية للحزب بقراءة العناوين البارزة لقانون الحزب الصادر عند تأسيسه في الثلاثين من تشرين أول 1922م، حيث وضع الحزب لنفسه مبادئ يسعى لتحقيقها، وهي تتعلق بتأييد النظام الدستوري، وتطوير الحياة النيابية، والحكم المحلي، والدفاع عن حقوق الفرد وحريته، ومحاربة الأمية ونشر التعليم، وتطوير اقتصاد البلاد، وتشجيع القطاع الخاص والاستثمار الأهلي، وتوزيع الضرائب توزيعاً عادلاً وحماية الصناعة المصرية، وترقية الزراعة وإصلاح وسائل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ايمى2010
Admin
Admin
ايمى2010


تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Oui-caaoni-albums-oui-caaoni-picture514-egypt-1
انثى
عدد المساهمات : 767
تاريخ التسجيل : 20/08/2009
العمر : 32

تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام   تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1الجمعة ديسمبر 23, 2011 8:34 pm

الري والصرف والسعي إلى تخلي الحكومة عما تحت يدها من الأطيان للأفراد (ولا يحدد من هم؟ هل هم الأغنياء أم الفقراء؟)، وتنظيم العلاقات في المصانع والمتاجر بين العمال وأرباب العمل على قاعدة العدل اتقاءً للأمراض الاجتماعية الناشئة من تحكم أحد الفريقين.
والمقصود هنا التحذير من تفشي الاشتراكية[86]؟
لكن البون كان شاسعاً بين الفكر والممارسة، كما اتضح من دوره في العملية السياسية، وقد عبر عدد من المفكرين عن الرؤية الفكرية للحزب، كان في مقدمتهم أحمد لطفي السيد، ود. محمد حسنين هيكل، ود. طه حسين، ود. محمود عزمي[87]، ود. منصور فهمي، وناصرهم الشيخان، مصطفى عبدالرازق وعلي عبدالرازق، ونفر من المفكرين والكتاب[88].
- أما حزب الوفد فقد آمن بالوطنية العلمانية، واستندت أيديولوجية إلى جملة مبادئ أساسية في تحقيق الاستقلال، وصون الوحدة الوطنية، والحكم الدستوري الذي يصون الحريات الفردية والعامة[89]، وحرص الوفد على المحافظة على صفته التمثيلية العامة للشعب، وعلى صورته كحزب جماهيري، مدافع عن الدستور وعن الشعب. ويمكن القول أنه في هذا المجال تفوق على خصمه السياسي الأبرز حزب الأحرار الدستوريين[90].
ومع حرصه على النهج العلماني الخالص في شؤون الحكم والسياسة، فإنه لم يلجأ إلى مصادمة الناس في عقائدهم الدينية، وما تعارفوا عليه من قيم وأنماط سلوك.
وفي نهاية فترة الدراسة، نجد الخطاب الوفدي يتطرف لجهة العلمانية في مواجهة صعود الاتجاه الإسلامي، في الوقت الذي كان فيه منظّرو حزب الأحرار الدستوريين يميلون نحو الاعتدال النسبي[91]، واقترن ذلك بهجوم كاسح على الفكر الاشتراكي، ومنظمات اليسار المختلفة.
وهكذا يتطرف الوفد علمانياً وليبرالياً ليتصدى للتيار الإسلامي المتنامي وللفكر الاشتراكي محدود الانتشار[92].
وقد دافع لفيف من ألمع كتّاب المرحلة، عن هذه الرؤية الفكرية للوفد، كأحمد أمين، وعباس العقاد، وتوفيق الحكيم، وعبدالقادر المازني، ثم التحق بهم طه حسين بعد اختلافه مع الأحرار الدستوريين عام 1932م[93].
أما سعد زغلول (1857-1927م) فقد كان زعيماً سياسياً ورجل دولة، أكثر منه مفكراً .




البحث في أسباب التخلف وأسس التقدم :
انشغل الفكر العربي الحديث كثيراً في البحث في أسباب تخلّف المجتمع العربي، وأسس تقدمه ونهوضه، منذ الطهطاوي، والأفغاني وعبده، والكواكبي وغيرهم، وتعددت الاجتهادات والرؤى في الإجابة على السؤال الكبير؛ "لماذا تأخرنا؟ ولماذا تقدم غيرنا؟" [94].
وبذلت جهود كبيرة في الإجابة على هذا السؤال، ويرى د. علي محافظة "أن المفكرين العرب في عصر النهضة انقسموا إلى فريقين في تحليلهم أسباب تخلف أمتهم، فريق السلفيين الذين أرجعوا هذه التخلف إلى ابتعاد المسلمين عن الدين القويم، وفريق الليبراليين الذين حاولوا الغوص في تراث الماضي وأوضاع الحاضر، وتحري التطورات السياسية والقيم الاجتماعية والأوضاع الاقتصادية التي أدت إلى هذا التخلف"[95].
وإذا كان من الصعب الإضافة إلى الجهود السابقة التي استعرضت وحلّلت مواقف المفكرين العرب في عصر النهضة من هذه المسألة[96]، فإن المهم هنا هو التركيز على أبرز ما قدّمه التيار الليبرالي من معالجات في هذه المسألة وخلال مرحلة ما بين الحربين العالميتين.
مع ضرورة الإشارة إلى أن رؤية الليبراليين المصريين لأسباب التخلف، تظهر بشكل أوضح من خلال عرض رؤيتهم لأسس التقدم وتحليلها.
كما تظهر أيضاً في معالجتهم لمسائل الحرية والعلمانية ودور الدين في المجتمع، وسلطة العقل والعلم، والعلاقة مع الغرب، وقضية المرأة، والعدالة الاجتماعية، والآفات والأمراض الاجتماعية، ولكننا سنعرض هنا لرؤيتهم لأسس التقدم وعلى النحو الآتي:

1-الدعوة إلى الحرية:
كان من الطبيعي أن يهتم الليبراليون بالدعوة إلى الحرية، والإعلاء من أهمية هذه القيمة، والدفاع عنها، واعتبار غيابها والاعتداء عليها أحد أركان التخلف، واعتبار التمسك بها أسّ التقدم والنهوض[97]، ليس من الغريب كل هذا ، فهي جوهر فكرهم، بل واتخذوا منها اسماً عليهم.
وهذا أحمد لطفي السيد يجعل فقدان الحرية أسباب التخلف، كما أن الاستبداد أصل الرذائل، معيداً جميع ما تعانيه مصر من "سوء الحال" إلى "نقص الحرية" مؤكداً "فنحن المصريين أحوج ما تكون لتوسيع ميدان العمل لحرية الفرد، حتى يسترجع ما فقد من الصفات الضرورية للرقي المدني"[98]. وإذا كان السيد هو فيلسوف التيار الليبرالي المصري ولديه هذا الإيمان بقداسة الحرية الفردية، فمن المنتظر أن يعبر تلامذته عن إيمانهم بالحرية الفردية واحترامها، والدافع عن الحريات العامة والدستور والحكومة النيابية، وسلطة الأمة، والحد من سلطة الدولة[99].
اهتم الليبراليون بالدفاع عن الحرية الفكرية[100]، فهذا مصطفى عبدالرازق يؤكد بأن الدين "قد كفل للإنسان أمرين عظيمين طالما حُرم منهما، وهما استقلال الإرادة، واستقلال الرأي والفكر "كما أكد" أن الذين يخدمون الحرية الفكرية، هم خُدّام الحق وأنصاره"، جاء هذا في إطار دفاعه عن السياسة وما يُنشر فيها من مقالات، قادت البعض إلى اعتبارها ترويجاً للإلحاد، في حين اعتبرها هو دفاعاً عن حرية الفكر، وهذا ما لا يخالف الدين برأيه[101].
لكن د. محمود عزمي أحد أبرز الكتّاب الليبراليين في الصحافة المصرية آنذاك وهو يدافع عن حرية الرأي والعقيدة، راح يؤكد على صفحات الهلال "أن الدستور المصري قد أطلق حرية الاعتقاد، وكفل الجهر به وأباح الإلحاد لمن يشاء"[102] !!
مما يعني أن الدستور قد كفل حرية الرأي والتعبير والاعتقاد؛ فلا يجوز مخالفته.
ودافع علي عبدالرازق عن التفكير الحر، وحرية التعبير، مبيناً أن المعضلة في مصر ليست في إنتاج الفكر، ولكن في توفر الشجاعة لدى المفكرين للتعبير الحر عن أفكارهم، مؤكداً أن نظام الحياة الاجتماعية في مصر "من أكبر العوائق، دون أن يصل المصريون إلى التفكير الحر، في أي نوع من أنواع الحياة،"، كما أن من أكبر أسباب عيوب الشخصية المصرية "فقدان الحرية، حرية التفكير وحرية العمل"، فهو يعتقد "أن ظلم الحرية في مصر واضطهادها، وحدهما أساس ما في الخُلق المصري من ضعف وانحلال، وأنه لا سبيل لإصلاح الخلق المصري إلا أن يعيش المصريون أحراراً.
وهو يطالب بالإصلاح السياسي المفضي إلى الإصلاح الخلقي "إذ أن الحكومة الحرة العادلة هي التي تربي حرية الفكر، وهي التي تربي الخلق المصري، وهي التي تنهض بالأمة المصرية"[103].
- وإذا كان إسماعيل مظهر يعتقد بأن الشعب اليوناني القديم هو أرقى شعب أقلّته الأرض من حيث النضوج الفكري، وأن "الإنسان لم يرتق منذ العصر اليوناني الأول حتى اليوم في الكفاءات العقلية" فإنه يُرجع كل هذا التفوق الذي أسبغه على اليونان وحضارتهم، إلى "بروز الذاتية الفردية واستقلالها فكراً وعملاً وبعدها عن التأثر بحياة الجماهير، لذلك فإنه لا يطمئن لمستقبل الإنسان "إلا إذا تبدلت جماعات المدنية الحديثة في نظامها الحاضر السائدة فيه روح الجماهير بنظام يكفل حرية الفرد وينمي كفاياته ومواهبه"[104].
- أما العقاد، فيرى بأن حرية الفكر هي حرية التعبير عن "الشخصية الإنسانية" بكل ما تشمل من حس وإدارك وخلق ومزاج ومجهود، وهي –عنده- تساوي حرية الحياة، "فسيان أن تمنع الإنسان أن يحيا، وأن تمنعه أن يفكر ويستوفي جوانب الشخصية التي تبلغ تمام مظاهرها في التمييز والتفكير، وهو يعتقد بأن حماية الحرية الفكرية هي حماية من غوائل الذل والنفاق والغباء[105].
لكن العقاد وهو ينادي بحرية الفكر كان قد طالب فيما مضى بتوضيح مفهوم حرية الفكر "إننا نريد أن نكون أحراراً في طلب الحرية لئلا نطلبها كما يطلبها العبيد المسخرون. فمن تلك الحرية التي نريدها أن نعرف حدود حرية الفكر نفسها. وهو يرفض أن تكون "حرية الفكر" مجرد مجاراة لكل جديد، فهذه الحرية ضرب آخر من الجمود لا نريدها لمصر ولا نفضلها على عبادة القديم الذي ننعاه على المقلدين" ويأتي كلامه هذا في سياق تعليقه على كتاب سلامة موسى "حرية الفكر"، وكأنه به يعرّض بنهج سلامة موسى القائم على الدعوة لكل "صرعة فكرية تظهر في الغرب بحجة حرية الفكر؛ فيقول العقاد: "ولسنا أحراراً حين تدور مع الأفكار الطارئة كما يدور طلاب الأزياء مع كل عارضة تروج وكل خاطرة تعنّ في الأذهان"[106].
- ومن المؤكد أن التيار الليبرالي يؤيد فكرة الديمقراطية، والنظام النيابي الديمقراطي، ويجعلها محور النظام السياسي الذي يرتجيه، فهذا د. هيكل يعتقد بأن الديمقراطية ملائمة للمزاج المصري، وأنها أفضل أنظمة الحكم بالنسبة للبيئة المصرية، وذلك –في نظره- لأنها تدعو إلى ما دعت إليه تعاليم الإسلام "من حقوق الأفراد في حرية الفكر وفي التعليم وفي السعي والعمل" كما أن "طبيعة هذه البلاد تتفق مع هذه التعاليم وتعاون عليها" وعليه "فلا مفر من أن تكون ثقافتنا الثقافة الديمقراطية"[107].
- والديمقراطية عند طه حسين، هي "التي يتحقق فيها التوازن على نحو ما بين الفرد والجماعة، والتي ترعى حقوق الفرد، وما بين الشخصية الفردية، والشخصية الجماعية"[108]، وتصدى على عبدالرازق للتوفيق بين الديمقراطية والإسلام[109].
- لكن الفكرة الديمقراطية النيابية، لم تكن بمعزل عن النقد في الفكر الليبرالي المصري، ففي ظل الاعتداء على أصول قواعد النظام الديمقراطي النيابي، من قبل حزب الأحرار الدستوريين، نجد أحد أبرز كتابه، وهو د. محمود عزمي، يطعن في هذا النظام وكأنه يبرر اعتداء الحزب عليه، فهو بالرغم من إقراره بأن الديمقراطية هي النظام الأصلح للحكم، فإنه يعتقد بأن الديمقراطية الحقة هي "حكم الأمة بالأمة"، لا حكمها بطائفة معينة من أبنائها، مهما كان عددهم، ولأن حزب الأحرار كان يشكك في وعي الناخبين الذين يمنحون الوفد الأغلبية المطلقة في كل انتخابات نيابية نزيهة، نجد د. عزمي ينادي بفكرة "الأرستقراطية العقلية" بحيث يكون وزن أصوات الناخبين متفاوت بمقدار ثقافتهم، وبمقدار ما يملكون من "أملاك مادية منتجة"، وهذا –في نظره- يخلّص النظام السياسي من أرستقراطية المال والجاه الموروث وحده[110]، فتكون بذلك أرستقراطية مبنية على الثقافة والمال. وهكذا فالمطلوب هو الديمقراطية الأرستقراطية في مواجهة ما تعانيه مصر من الديمقراطية الشعبية الوفدية، على حد رأي الأحرار الدستوريين.
أما إميل زيدان، رئيس تحرير "الهلال" فيطالب بإعادة النظر في الديمقراطية "فميراث الثورة الفرنسية قد أصبح رثاً، وكلمات الحرية والإخاء والمساواة قد بُليت، بل كادت تصبح جوفاء لا يتفق وقعها ونغمات هذا الزمان الصاخب العنيف"، ويرى أن النظام الدستوري المصري المقتبس عن الغرب، لم يعد ملائماً "لبيئتنا وعقليتنا وأحوالنا الخاصة"، فما هو المطلوب؟ المطلوب عند زيدان، هو أن تتجه مصر في نظامها الدستوري "يساراً"، نحو تغليب نزعة الحكم لمصلحة سواد المحكومين لا لمصلحة طائفة منهم[111]، إذاً المطلوب هو الديمقراطية الاجتماعية، التي تراعي مصالح الفئات المسحوقة.
- أما الموقف الليبرالي من الحرية الاقتصادية فسيظهر حين الحديث عن العدالة الاجتماعية.

2-الدعوة إلى العلمانية والعقلانية:
وفي تحليلهم لأسباب تخلف المجتمع المصري، يعبر الليبراليون من طرف خفي أحياناً، أو بصراحة ووضوح عن اعتقادهم بأن الدين أو على الأقل أسلوب فهمه وتطبيقه، كان من الأسباب الهامة التي تقف وراء هذا التخلف!!
وفي وجدانهم الكثير من الإعجاب بالتجربة الأوروبية، في الفصل بين الدين والحياة، ويتطلعون إلى تقليد هذه التجربة، كما تستفزهم التجربة العلمانية في تركيا، وتشغفهم إعجاباً وإلهام[112].
ولعل المعركة الفكرية التي شهدتها مصر، بعد إلغاء الخلافة العثمانية في آذار عام 1924م، وما أثير من مواقف واجتهادات حول إحياء الخلافة، والدعوة لعقد مؤتمر الخلافة، وصدور كتاب "الإسلام وأصول الحكم" لعلي عبدالرازق عام 1925م[113]، هي في الحقيقة تعبير عن طبيعة نظرة هذا الطرف أو ذاك، للعلاقة بين الدين والحياة، ولدرجة سلطة الدين على الدولة والمجتمع والفرد.
إن جوهر الفكرة التي دافع عنها علي عبدالرازق في كتابه، هي الفصل بين الدين والدولة، وأن الإسلام دين لا دولة، وأن نظام الخلافة لا صلة له بالإسلام، وهذا تنظير للعلمانية، وتوطين لها في البيئة الإسلامية، ومن خلال تأصيل إسلامي مزعوم، لكنه صادف رأياً عاماً رافضاً وساخطاً، نظراً لطبيعة الظرف التاريخي الذي جاء فيه الكتاب.
أما التيار الليبرالي فقد رحّب بالكتاب ودافع رموزه عن الكاتب والكتاب بحرارة، على اعتبار أن القضية تمس حرية التفكير والتعبير، وإن كان سعد زغلول قد تحفّظ على آراء الكاتب بل عارضه فيما ذهب إليه من آراء[114].
لكن هذا لا يعني أن "الوفد" قد تخلّى عن "ليبراليته"، وأصبح من دعاة "الخلافة الإسلامية"، فقد كان كما هو متوقع ضد فكرة المؤتمر، وضد سعي فؤاد للخلافة، وضد إضفاء أية صبغة "دينية" إسلامية على نظام الحكم في مصر، ومع المحافظة على طابعه الدستوري الليبرالي.
وقد كتب عدد كبير من الوفدين في تأييد أفكار الكتاب، وفي مساندة حرية الرأي والتعبير، ونادى أحمد حافظ عوض رئيس تحرير "كوكب الشرق" الوفدية بتآزر الأحرار أمام الأفكار الرجعية، التي تمسّ الدستور وما كفله من الحريات العامة.
وكتب بعضهم في جريدة السياسة يثنون على موقفها من القضية[115]، لكن حزب الأحرار الدستوريين ومفكريه وصحافته وقفوا موقفاً أكثر حماساً في الدفاع عن الكاتب والفكرة[116]، وعن قضية حرية الرأي، وقد تسبب هذا الموقف في أزمة وزارية أدت إلى خروج وزراء الحزب من وزارة زيور الثانية[117].
وعمدت "السياسة" في دفاعها عن الآراء الواردة في الكتاب، إلى ربطها بآراء الأستاذ محمد عبده، حول الخلافة، لإظهارها كامتداد طبيعي لأفكار الأستاذ [118]، وبرز رئيس تحريرها د. هيكل في مقدمة المنافحين عن آراء علي عبدالرازق وحريته في التعبير عنها، وكتب عدداً من المقالات في هذا الصدد، وسانده كل من طه حسين، ومنصور فهمي، ومحمود عزمي، وعبد القادر المازني، وجوهر دفاعهم تركز على مسألة حرية إبداء الرأي والتعبير عنه[119].
لربما يمكننا القول بأن قضية كتاب علي عبدالرازق، كشفت الكثير من توجهات التيار الليبرالي حول دور الدين في الحياة، وحول موقفهم من علمانية الدولة والمجتمع، وهذه التوجهات ظل رموز هذا التيار يعبرون عنها، بدرجات متفاوتة من الصراحة والحدة.
- وقبل أن تخمد نيران هذه المعركة، نشبت معركة فكرية جديدة، بطلها هذه المرة د. طه حسين، فقد أصدر في العام 1926م كتاب المثير للجدل "في الشعر الجاهلي"[120].
إن الرؤية الفكرية التي وقفت خلف إصدار هذا الكتاب، تتمثل في سعيه إلى ترسيخ المنهج العلماني في الفكر والبحث والسياسة والاجتماع، فقد حاول طه حسين تطبيق منهج الشك الديكارتي، على الموروث الحضاري برمته، وهو يدعو إلى الإطاحة بكل المقدسات، وإخضاع كل شيء لهذا المنهج، وحتى النص القرآني فقد شكك في صحة قصة إبراهيم عليه السلام وولده إسماعيل وبنائهما الكعبة المشرفة[121]، إذ يقول: "للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل، وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضاً، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودها التاريخي، فضلاً عن إثبات هذه القصة التي تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلى مكة ونشأة العرب المستعربة فيها"[122].
لقد انقسم التيار الليبرالي على نفسه، في هذه القضية أيضاً، كما حدث في القضية السابقة، فقد وقف حزب الأحرار الدستوريين وصحافته ورموزه الفكرية، إلى جانب المؤلف وحريته في البحث والتفكير والتعبير.
أما حزب الوفد فقد وقف رسمياً ضد الأفكار الواردة في الكتاب، ورفض المسّ بمعتقدات المصريين ومقدساتهم تحت أية حجة أو ذريعة، واحتفت صحافة الوفد بمحاكمة طه حسين ومصادرة كتابه وإخراجه من الجامعة[123]، واتهمت المدافعين عن الكاتب والكتاب بالإلحاد[124].
دافع د. طه حسين عن الرؤية الفكرية التي وقفت خلف الكتابين، "الإسلام وأصول الحكم" و"في الشعر الجاهلي" وأبدى إصراراً على مساندة تلك الرؤية، وعدم التراجع عنها، وجعل ما أثير حول الكتابين مظهراً من مظاهر الصراع بين الدين والعلم، مؤكداً انتفاء الأمل في تفاهمهما، ومؤمِّلاً في أن ينصرف كل منهما إلى ميدانه الخاص به تاركاً المماحكة بالآخر، ومؤملاً خروج "السياسة" من إطار الخصومة بين الدين والعلم، متهماً السياسة بسعيها إلى استغلال هذا الصراع، وتوجيهه لخدمة غاياتها.
وقدّم طه حسين مرافعة طويلة لإسناد ما ذهب إليه من أبدية الصراع بين الدين والعلم[125]، ودافع عن علمانية الدولة الحديثة، وأنها دولة وطنية لا شأن لها بالدين، وهذا ما يجب أن تحرص عليه الدولة المصرية لتكون "حديثة"، ومن هنا فهو يعترض على ما نص عليه الدستور المصري 1923م، من أن الإسلام دين الدولة الرسمي، واعتبره نصاً غير ضروري، وغير ذي فائدة أو غرض، وأنه أصبح "مصدر فرقة لا نقول بين المسلمين وغير المسلمين من أهل مصر، فقد رضيت القلة المسيحية وغير المسيحية هذا النص ولم تحاور فيه، ولم ترَ فيه على نفسها مضاضة أو خطراً، وإنما نقول أنه كان مصدر فرقة بين المسلمين أنفسهم، فهم لم يفهموه على وجه واحد، ولم يتفقوا في تحقيق النتائج التي يجب أن تترتب عليه" !! وهو يقصد الخلاف بين فريقين "أحدهما المستنيرون المدنيون، والآخر شيوخ الأزهر ورجال الدين"[126].
وفي هذا السياق نادى بضرورة تحجيم دور الأزهر في الحياة السياسية، والنظر إليه كمعهد من معاهد التعليم، لا أكثر ولا أقل.. [127]
ويجتهد الليبراليون في ترسيخ النهج العلماني، ومحاربة "التفكير الديني" -بزعمهم- واتهام الفكر الإسلامي بأنه فكر غيبـي لا يصلح لهذه الحياة !!
فهذا إسماعيل مظهر، يرى بأن الإنجاز الأهم في سبيل تحقيق التقدم هو "نقض العقلية الغيبية"، ويسميها أيضاً "العقلية الشرقية"، فهي سبب التخلف، ذلك أنها "لا تلائم مزاج هذه الحياة"، كما أنها "لا تتسق وحاجات هذه الحياة الدنيا"، وهي "تلائم من كل نواحيها الحياة الأخرى، نكران لكل مطالب الحياة، وتواكل على القضاء والقدر، واستسلام صرف لما سوف يأتي بها الغد، وإغفال محض لمواعظ الماضي وعظاته"[128].
ولم يفتأ ينادي بالمصريين أن يتخلصوا من "الأسلوب الغيبـي" في التفكير، وأن ينتقلوا إلى "الأسلوب اليقيني"، بل إن مصر –برأيه- خطت في سبيل الخروج من ظلمات الأسلوب الغيبـي إلى وضح الأسلوب اليقيني، وهذه الخطوة "سوف تقودنا سعياً إلى ميدان يتصادم فيها الأسلوبان تصادماً يثير في جو الفكر عجاجة ينكشف غبارها عن الأسلوب الغيبـي وقد تحطّمت جوانبه واندكت قوائمه، وتترك الأسلوب اليقيني قائماً بهامة الجبار القوي الأصلاب مشرقاً على الشرق، وقد هبّ من رقاد القرون ليسير في الدرب الذي مهدت سبله للأنام نواميس النشوء والارتقاء"[129].
ووقف إسماعيل مظهر حياته للترويج للنظرية التطور الدارونية، منذ أن أصدر كتابه "ملقى السبيل في مذهب النشوء والارتقاء" كما سخّر مجلة "العصور"، للدعوة للفكر الإلحادي، وتقديمه للقارئ في إطار الدافع عن حرية الفكر والعقيدة وحرية الرأي والتعبير.
وحدد إسماعيل مظهر وجهة "العصور" في افتتاحية العدد الأول، بأنها مكرّسة للدفاع عن الفكر الحر، متحررة من جميع الآراء والنظريات المسبقة، التي طالما قيّدت الكتّاب ومنعتهم عن قول الحقيقة بحرية، وأن هدفها النهائي التنديد بأنماط الفكر الدينية والتقليدية[130].
ويؤكد د. طه حسين على ضرورة اقتباس "العقلية" ويعني بها طريقة التفكير عند الغرب[131]، والإعلاء من شأن العقل وسلطته، في مواجهة أية سلطة أخرى، والنظر إلى كل الأمور نظرة عقلية.
وقد أكد د. هيكل على هذا المضمون بتأكيده أن "العقل والعلم"، هما السبيل لتحقيق السعادة التي تنشدها الإنسانية عموماً، ولذلك فإن كل الشؤون الروحية والأخلاقية والاجتماعية يجب أن تخضع لسلطة العقل والعلم، واعتبارها المرجعية الحاكمة لكل تصرفاتن[132]، مبعداً أي دور للدين في صياغة هذه المرجعية.
ويتفق محمد زكي عبدالقادر مع هذه الدعوة، فينبّه إلى "أن نهضتنا ينقصها الروح العلمي، وما دامت كذلك فهي نهضة عرجاء فقدت الجانب المنتج، وبقيت لها المظاهر التي لا تقدم ولا تؤخر شيئاً"، ويشير إلى أوروبا –رمز الإلهام- واحترامها للعلم والعلماء، إذ نجد أن "الروح العلمي متغلغلاً عميقاً لا بين طبقة معينة أو في بيئة خاصة، ولكن بين جميع الطبقات، وفي كل البيئات" وهذا –عنده- يقف وراء "نهضة حقّة تقوم على دعائم ثابتة"[133].
أما إسماعيل مظهر داعية نظرية التطور؛ فإنه يدعو إلى جعل العلم أساساً للنهضة، لأن "العلم حر مطلق من القيود، لا يؤمن إلا بعد شك، فإذا آمن كان إيمانه راسخاً وطيداً، هذا خلق العلم، وهذا هو الخلق الذي يغرسه الإيمان الثابت بكل ما ينـزل من العقل منـزلة الاحترام والتقديس".
كما أنه مؤمن بأن "من شأن العلم أن ينظم العقل وينظم الشهوات وينظم المطامع. ذلك بأن العلم يقوم على حقيقة أساسية هي تنظيم الصلات القائمة بين الحقائق تنظيماً يحدد لكل حقيقة منها موضعها الخاص الذي تشغله في نظام الأشياء" وهو يتخذ من شعار "العلم" سبيلاً للدعوة لاتخاذ نظرية التطور منهجاً للإصلاح الاجتماعي، إذ يقول "على أن الشرق إن أراد أن يخطو إلى الأمام خطوات واسعة إلى الأمام في سبيل الارتقاء الحقيقي وأن يضرب في معارج التطور الثابت نحو حالات أسعد وأفضل، فإن من واجبه أن يجعل السياسة تابعة للعلم الاجتماعي، القائم على حقائق العلم الطبيعي" وتوضيح ذلك، قوله: "فلا بد إذن من أن نربط بين السياسة وبين العلم، وأن نحكم الصلة بين السياسة وبين منهج اجتماعي نتخذه إماماً تأتمّ به السياسة في الإصلاح المدني" ولمزيد من التوضيح "فإن الجماعات الإنسانية باعتبارها كائنات حية من ناحية، وباعتبارها كائنات ذات نظام اجتماعي من ناحية أخرى، قد تصدق عليها حقائق علوم الأحياء مطبقة عليها تطبيقاً خاصاً، كما تصدق على بقية الأحياء الأخرى.
ولا أخال أن مفكراً متزن التقدير يُنكر أن اتخاذ أسباب العلم وسيلة للإصلاح الاجتماعي، هو السبيل التي تؤدي بأمم الشرق إلى وضع قواعد ثابتة تنتحيها في التدرج نحو مثلها العليا.
والمحصل أن الإصلاح الاجتماعي في أمم الشرق، ينبغي أن يُعهد به إلى علماء اتصلوا بعلوم الأحياء وعلوم الاجتماع"[134].
لكن د.هيكل وضمن سياق المراجعات الفكرية الذي اختطه لنفسه منذ نهاية العشرينيات، يعود إلى الاعتذار عن الأسلوب الإقصائي الذي انتهجه حيال دور الدين في صياغة المجتمع المنشود، إذ يصرح "أشعر اليوم بأن ما تخيَّلته في زمن من الأزمان عن العلم التجريبـي واقتداره المطلق على حل كل ألغاز الكون، والحلول بذلك في نفس الجماعات، محل الإيمان ، ليس يبلغ من نفسي إلى مكان العقيدة واليقين، بمقدار ما كان يبلغ في صدر شبابي "لذلك فهو يدعو إلى إعادة الاعتبار إلى الإيمان، وإلى "الجانب الروحي" في تكوين الفرد والجماعة، ويطالب بوجوب "أن نبحث الإيمان على أنه واقعة اجتماعية لا حياة للجماعات بدونها"، فالمطلوب إذاً هو التوفيق بين "العقل والروح"، لكن ما هو دور الروح في هذه التوفيقية؟ دور الدين هو تحقيق الراحة النفسية للإنسان من أعباء الحياة وهمومها ليس أكثر، "لابد إذاً من مَثَل أعلى تؤمن به الجماعة وتجد من تطلعها إليه وهيامها به ما يُنسيها ما في الحياة من هم وبأساء"[135].
وهذا ما عبّر عنه في وقت لاحق أحمد أمين، وهو يكشف "أكاذيب المدنية الحديثة"، مؤكداً أن أخطرها كان الفصل بين "الجانب المادي، و"الجانب الروحي" ولذلك لابد من إقامة التوازن بينهم[136].
وتحدّث د. هيكل عن ما يُعانيه الغرب من أزمة روحية، وقلق نفسي، جراء شيوع المادية وثقافة الإلحاد، وتعاطف مع مشكلة الفراغ الروحي لدى الغرب، وتمنى لها نهاية سريعة، ولعل الشرق بميراثه الروحي العظيم يُسهم في ذلك[137].

3-الدعوة إلى التغريب:
آمن الليبراليون المصريون بضرورة أتباع نهج الحداثة الغربية، كسبيل لصنع التقدم، وتحقيق النهضة المنشودة، وقد أجمع هؤلاء على اعتبار النموذج الغربي نموذجاً جديراً بالمحاكاة[138].
والحقيقة أن الفكر العربي الحديث منذ مطلع القرن التاسع عشر، تقبّل فكرة "أوروبا النموذج"، واعتبر الغرب مصدر الخطر ومصدر الإلهام معاً، يثير الإعجاب كما يثير الغضب، ويثير الكره كما يثير الحب[139].
فالإجماع منعقد على ضرورة الإفادة من تجربة الغرب الحضارية، وأن ليس هناك ما يمنع من الاقتباس عنها، فعلومها هي في الأصل علوم إسلامية[140]، وهي بضاعتنا رُدّت إلينا، فالغرب أفاد من حضارتنا، ولا ضير من أن نفيد من حضارته، وحضارته لا تخصه وحده، بل هي جزء من الإرث البشري أو أحد نتاجاته[141].
عبّر طه حسين في فترة مبكرة عن إيمانه بضرورة الاقتباس عن أوروبا بحكم الضرورة والحاجة للمنافع المتحققة عن ذلك. ولكن هذا الاقتباس، يجب أن يتفاوت قلّة وكثرة، يُحبّذه في النظم السياسية الدستورية، وفي المنهج العلمي الغربي، لكنه لا يحبذه "في الفن والأدب والحياة الاجتماعية، فلنا فنوننا وآدابنا ونظامنا الاجتماعي وواجبنا هو أن نحتفظ بشخصيتنا قوية واضحة في هذه الأشياء، وألا نقتبس من أدب الغرب وفنه ونظامه الاجتماعي إلا ما يمكّن شخصيتنا من أن تنمو وتتطور، وتحتفظ بما بينها وبين العالم المتحضر من الاتصال"[142]، لكن طه حسين سوف يتخلى عن هذا الموقف المعتدل.
إذ إنه ينادي –بما نادى به الخديوي إسماعيل- بجعل مصر جزءاً من أوروبا، وتبرير الدعوة إلى التغريب هو "الاضطرار" لننال إكبار الأمم لنا !!
ولنظفر باستقلالنا عن انجلترا وفرنسا، وشرط ذلك أن نعيش عيشتهما ليطمئنا إلى ما نطلب من استقلال، ونحن مضطرون لذلك للتخلص من الامتيازات الأجنبية، فيجب أن نعيش عيشة الأجانب ليطمئنوا إلى إلغاء الامتيازات ! ونحن مضطرون لاتخاذ أسباب الحياة الحديثة أيض[143].
وقد تبنى د. منصور فهمي الدفاع عن "مشخِّصات الشرق" ويقصد بها عناصر هويته، وقيمه وعاداته وتقاليده، وينادي بالصمود في مواجهة الاجتياح الثقافي الغربي، ويحذر "الشرقيين" من أن يطغى سيل الغرب "على ما لهم من بعض مشخصات، لا تعطل في شيء سير الترقي والتقدم"[144].
وينادي د. منصور فهمي بضرورة الاحتفاظ بالخصوصية الثقافية، وهو لا يتفق مع نزعة أولئك "الذين يريدون أن تكون الإنسانية كتلة متشابهة في أساليبها وتفكيراتها وعواطفها"[145].
وهذا تحذير مبكر من مخاطر "العولمة الثقافية، التي تستهدف سحق كل الخصوصيات الثقافية للشعوب لصالح سيادة الثقافة الغربية.
ويوضح مصطفى عبدالرازق رؤيته لمفهوم الاقتباس وغاياته، معلناً أن دعوته للاقتباس لا تستهدف جعل مصر قطعة من أوروبا، بل أن تظل مصر قطعة من إفريقية، متصلة بآسيا على أن تزاحم الغرب بالمناكب، في كل ما وصل إليه الغرب من علم ومدنية ورقي، ويريد من مصر "أن تقتبس أصول المدنية الغربية وتتشربها تشرباً، لا أن تلبسها ثوباً معاراً"، وأن تحافظ على "جوهر مشخصاتها"، وهي عنده اللغة والدين شريطة "أن يخضعا لسنة الله، في هذا العالم، وسنة الله في هذا العالم أن يتحرك كل شيء وأن يتطور"[146]!!
ويرفض د. منصور فهمي اقتباس "مظاهر المدنية التي ليست وليدة العقل والعلم"[147]، ويؤكد على رفض ما ينادي به التغريبيون باتخاذ "الغرب إماماً يأتمون به في كل أمر، ويصطنعوا كل مظاهر حضارته من غير تحفظ"[148].
ود. منصور فهمي يعالج مسألة في غاية الأهمية، عندما يرفض الانغلاق، وينادي بالاقتباس الواعي، وفي نفس الوقت يرفض اتخاذ "الغرب إماماً"، وملخص موقفه هو التأكيد على أهمية معرفة ماذا نأخذ؟ وماذا ندع؟ من حضارة الغرب، لكنه يشكك في مقدرتنا على الاختيار في عملية التفاعل الحضاري، فهي –عنده- عملية معقدة، تخضع لمحدودية الإرادة البشرية، وتحتكم لأثر البيئة وعدد من العوامل النفسية والاجتماعية، فهي ذات "أثر لا يُقاوم في تكييف الحضارات واصطناعها وفي تصوير الثقافات"، ولذلك كله "لا قدرة لشعب أن يكون كشعب آخر في كل حضارته، وكل ثقافته"[149].
لكن الساحة الليبرالية عرفت أصواتاً متطرفة، تدعو إلى رفض الانتقاء في عملية التواصل الحضاري مع الغرب، بل وإلى رفض فكرة التوفيق بين ما لدينا وما عندهم، فهذا محمود عزمي يقول: "أنا من الذين ينادون بملء فيهم بضرورة الأخذ من المدنية العصرية، وهي الحضارة الغالبة وبأن الخير كل الخير في شخوص الكتلة الشرقية المتكلمة لغة عربية[150]، إلى شواطئ البحر المتوسط الشمالية الغربية، وبأن كل نظرة إلى رمال التيه والبادية إنما تكون نكوصاً على الأعقاب في ميدان الجهاد، الذي يسير فيه العالم سيراً هائل السرعة إلى الأمام"[151] !!
هذه الدعوة إلى القطيعة مع الذات، والفناء في الآخر، يتبناها "عميد الأدب العربي ! " في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر" الصادر عام 1937م، فقد حدد هوية مصر الثقافية على أنها جزء من ثقافة البحر المتوسط، وأنها جزء من "الغرب الثقافي"، وليست من "الشرق الثقافي"[152]، وأن العقل المصري جزء من أسرة الشعوب التي عاشت حول بحر الروم[153].
والخلاصة –عنده- "إنما كانت مصر دائماً جزءاً من أوروبا في كل ما يتصل بالحياة العقلية والثقافية، على اختلاف فروعها وألوانها"[154].
وهذا "التغريب" يجري تسويقه من قبل د. طه حسين، بالقول أنه وسيلة وليس غاية، وسيلة للنهوض ولتحقيق الحرية والاستقلال، باتباع الوسائل التي أوصلت الغربيين لتحقيق الاستقلال والكرامة[155]، كما يجري تسويقه بتلميع حضارة الغرب، والتأكيد على تفوقها "ودليل ذلك أنها ترتقي"[156]، كما يسعى إلى بث الطمأنينة في النفوس المتخوفة من مخاطر الاغتراب الثقافي والاقتلاع من الجذور، فيشير إلى "التجربة اليابانية". وعليه فلا خوف على "الشخصية المصرية" إذ لم يكن على الشخصية اليابانية خطر من الحضارة الحديثة"[157].
إذاً ما هو المطلوب؟ المطلوب "أن نسير سيرة الأوروبيين ونسلك طريقهم لنكون لهم أنداداً، ولنكون لهم شركاء في الحضارة خيرها وشرها، حلوها ومرّها، وما يحب منها وما يكره وما يُحمد وما يُعاب"[158] فالمطلوب هو التبعية على أساس الندّية!!، لكنه لا يوضح لنا كيف تكون التبعية طريقاً للندية؟ أو كيف تؤسس الندية على ركام التبعية؟ مع أنه يقول صراحة: "نريد أن نتصل بأوروبا اتصالاً يزداد قوة من يوم إلى يوم، حتى نصبح جزءاً منها لفظاً ومعنى وحقيقة وشكلاً"[159].
وكان قد جرى "تسويق" التغريب، بأنه يعفينا من الصدام الحضاري مع الغرب، يقول أحدهم على صفحات "المقتطف"؛ "نحن من الذين يعتقدون أن الحضارة الغربية خير الحضارات التي يتعين علينا اقتباسها، كما أننا من الذين ينظرون إلى الأمر الواقع فيرون أنها هي الحضارة السائدة في العالم، ونحن من الذين يعتقدون أن طريق نجاتنا في مسالمة هذه الحضارة وتكييف حضارتنا عليها تكييفاً لا يناقضها بل يماشيها.. ذلك أن التاريخ يقص علينا قصص اصطدام الشرق بالغرب منذ العصور الأولى حتى الساعة ، فما قص إلا حديث اصطدام كانت نهايته انهزام الشرق أمام الغرب، فالعاقل من اعتبر وعرف أن يتلمس طريقاً غير طريق جربه فقاده إلى مواطن الخطر"[160]!! وبعيداً عن سعيه للتبرير التاريخي للتغريب، فإن الدعوة إلى تجنب الصدام الحضاري هي دعوة ليست إلى الحوار الحضاري الذي لا يرفضه عاقل، لكنها دعوة إلى حوار التبعية وليس الندّية.
وفي عقد الثلاثينيات ظهرت في مصر موجة من المراجعات الفكرية في صفوف التيار الليبرالي، طالت عدداً من أبرز رموزه، كان من مظاهرها توجيه نقد لاذع لحضارة الغرب ولحركة التغريب.
وفي طليعة "المراجعين" هؤلاء كان د. هيكل، الذي عبّر عن قناعته بأن الغرب غير مخلص لقضية "الحرية"، وأن قضيته هي "الاستعمار"، ويشير إلى سياسات التعليم التي اتبعتها بريطانيا في مصر كمؤشر على حقيقة نوايا الغرب، فلم تهدف إلى شيء سوى تخريج مواطنين مطواعين، كما أنها وقفت حائلاً دون سرعة انتشار العلم الصحيح.
ويشير إلى أن أوروبا لم تتخلّص من التعصّب الديني ؛ فهي ما زالت تذكر الحروب الصليبية، وهي تحمي الجماعات التبشيرية، كما يعجب لتعزز الروح الصليبية في الغرب، "وأن الأمر لم يقف عند الكنيسة بل تعداها إلى كتّاب وفلاسفة في أوروبا وفي أمريكا.. في عصر يزعمون أنه عصر النور والعلم، وأنه لذلك عصر التسامح وسعة الأفق"[161].
ويعيب د. هيكل على الغرب ماديّته، كما يعيب على الشرقيين تقليده في هذه المادية[162]، وقد عبّر العقاد، ود. منصور فهمي عن قناعات مماثلة[163].
- وقد شارك توفيق الحكيم في التعبير عن خيبة أمل مثيلة، بفشل التغريب في مصر، ففي روايته "يوميات نائب في الأرياف" الصادرة عام 1937م، تعبير عن ضرورة إعادة النظر في جدوى التغريب، ومدى صلاحيته لتحضير الجماهير الريفية في قرى مصر، وتساؤل عن مدى صلاحية "تشريع بونابرت" للتطبيق في أرياف مصر، فهو يقف موقف النقد العنيف.. وربما السخرية من هذه القوانين، التي يسعى الآخرون لتطبيقها في مصر ؛ حيث يسكن في القاهرة طبقة (علمانية) ومثالية تحاول الأخذ بحضارة الغرب بينما يسكن في مصر الريف طبقات "واقعية" وفلاحين تحاول الارتباط أكثر بالتراث[164]، لكن "البوح" أو "الاعترافات" التي قدمها د. هيكل في عام 1936م. تختصر الكثير من الكلام في تصوير درجة خيبة الأمل التي جناها دعاة التغريب، إذ يقول:
"وقد حاولت أن أنقل لأبناء لغتي ثقافة الغرب المعنوية وحياته الروحية لنتخذها جميعاً هدىً ونبراساً، ولكني أدركت بعد لأي أنني أضع البذر في غير منبته، فإذا الأرض تهضمه ثم لا تتمخض عنه ولا تبعث الحياة فيه، وانقلبت ألتمس في تاريخنا البعيد في عهد الفراعنة موئلاً لوحي هذا العصر ينشأ فيه نشأة جديدة، فإذا الزمن، وإذا الركود العقلي قد قطعا ما بيننا وبين ذلك العهد من سبب قد يصلح بذراً لنهضة جديدة، فرأيت أن تاريخنا الإسلامي هو وحده البذر الذي ينبت ويُثمر، ففيه حياة تحرك النفوس وتجعلها تهتز وتربو"[165].
والدكتور هيكل ضمن سلسلة اعتذاراته الروحية والفكرية، كان قد حلل ظاهرة عزوف الشباب المسلم المتعلم عن الدين، فيعيد السبب إلى ظاهرة الطعن فيمن يسميهم المصلحين والعلماء المسلمين الذين حاولوا النهوض بالأمة!! والرد على مزاعم الغرب وتخرصاته ضد الإسلام، فكان مصير أولئك العلماء وفي مقدمتهم الشيخ محمد عبده أن "اتهموا بالإلحاد والكفر والزندقة، فأضعف ذلك من حجتهم أمام خصوم الإسلام !!
ولقد كان اتهامهم هذا عميق الأثر في نفوس شباب المسلمين المتعلمين، شعر هؤلاء الشبان بأن الزندقة تقابل حكم العقل ونظام المنطق في نظر جماعة من علماء المسلمين، وأن الإلحاد عندهم قرين الاجتهاد، كما أن الإيمان قرين الجمود، لذلك جزعت نفوسهم وانصرفوا يقرعون كتب الغرب يتلمّسون فيها الحقيقة، اقتناعاً منهم بأنهم لن يجدوها في كتب المسلمين. لذلك انصرفت نفوسهم عن التفكير في الأديان كلها وفي الرسالة الإسلامية وصاحبها، حرصاً منهم على ألا تثور بينهم وبين الجمود حرب لا ثقة لهم بالانتصار فيها، ولأنهم لم يدركوا ضرورة الاتصال الروحي بين الإنسان وعوالم الكون اتصالاً يرتفع به الإنسان إلى أرقى مراتب الكمال وتتضاعف به قوته المعنوية"[166].




قضية المرأة:
انشغل الفكر الليبرالي في مصر بقضية المرأة، كأحد المحاور الرئيسية في مشروعه من أجل التنوير والنهضة والتقدم، والمرجعية الفكرية هي الثقافة الأوروبية، أما النموذج فهي المرأة الأوروبية. وهناك محاولة للإفادة من جهود السابقين والبناء عليه[167]، خاصة جهود قاسم أمين[168].
لقد أبدى الليبراليون طوال فترة الدراسة احتراماً وإجلالاً لجهود قاسم أمين، ليس كمدافع عن المرأة فقط، بل كمصلح اجتماعي وقف حياته للدفاع عن "حرية الفكر ، وحرية المرأة !! " بإسهامه في تأسيس الجماعة 1908م، وفي دفاعه عن قضية المرأة[169].
وتابع الليبراليون السير على خطى قاسم أمين في موقفهم من قضية المرأة، وساهمت الصحافة الليبرالية في دعم قضية المرأة[170]، وفي دعم الحركة النسائية، وفي تثقيف المرأة بما ينبغي أن تطالب به من حقوق، وبما ينبغي أن تفعله لتحصيل هذه الحقوق، وفقاً للمرجعية الأوروبية، واقتفاء لنموذج المرأة الأوروبية[171].
واهتمت الصحافة بنشر المقالات والصور التي تخدم فكرة وجوب تقليد المرأة المصرية للمرأة الغربية في السلوك، والعادات، والأزياء، ومسابقات الجمال، والرياضة النسائية، وتولّت الصحافة النسائية جانباً هاماً من هذا الجهد.
وبرزت الحركة النسائية، وتعاظم دورها في المطالبة بحقوق المرأة المصرية، ووضعت قضية المرأة المصرية في إطار قضية المرأة في العالم، وحاولت الحركة النسائية المصرية أن تصبح جزءاً من الحركة النسائية العالمية، وتتبنى المفاهيم والمعايير الأوروبية في معالجة قضايا المرأة، وإن كان هذا التبني يجري بأسلوب تدريجي بطيء[172].
وبرزت في هذا المجال أسماء نسائية شهيرة مثل، ملك حفني ناصف (باحثة البادية) وصفية زغلول، وهدى شعراوي، وسيزا نبراوي، ومنيرة ثابت، وميّ زيادة، ونبوية موسى، ولبيبة أحمد (انضمت فيما بعد لجماعة الإخوان المسلمين) [173].
ويحرص الليبراليون في هذه المرحلة على مراقبة الحركة النسائية في تركيا، ومتابعة التجربة التركية في هذا الميدان إعجاباً وتقديراً وتطلعاً للتقليد[174].

1-الدعوة إلى "السفور" ومقاومة "الحجاب":
شغلت الدعوة إلى السفور وخلّع الحجاب، الجزء الأكبر من اهتمام التيار الليبرالي بقضية المرأة، منذ كتب الطهطاوي بكثير من التسامح عن السفور والاختلاط، الذي تتمتع به المرأة الباريسية، وباعتبار السفور والاختلاط ليس نقيضاً لعفة النساء[175].
- وقد أبرز
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مرمر

مرمر


تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Oui-caaoni-albums-oui-caaoni-picture514-egypt-1
انثى
عدد المساهمات : 42
تاريخ التسجيل : 20/07/2010

تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام   تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1الجمعة ديسمبر 23, 2011 8:48 pm

وعندما انشغلت مصر بصياغة الدستور الصادر عام 1923م، ظهرت أصوات القوى الليبرالية تطالب بمنح المرأة الحق في الانتخاب والترشيح أسوة بالرجل، لكن الدستور لم ينص على هذا الحق[216].
ومن هنا فقد أصبح من مهام الاتحاد النسائي بزعامة هدى شعراوي المطالبة بمنح المرأة حق الانتخاب أسوة بالرجل[217].
وكتبت قيادات الحركة النسائية كثيراً في الصحافة للمطالبة بهذا الحق[218]، كما أن أكثر الأصوات ليبرالية بقي في دائرة المناداة بإشراكها جدياً في الشؤون الاجتماعية العامة، وإذا دعت الحال، في المسائل الاقتصادية والتشريعية والسياسية[219].
ومن الملاحظ أن مسألة الحقوق السياسية للمرأة لم تكن مسألة ملحة في هذه المرحلة، ولم تأخذ حيزاً كبيراً في الخطاب الليبرالي، إداركاً من الليبراليين وغيرهم بأن المرأة المصرية لم تتهيأ بعد لممارسة هذه الحقوق، في الوقت الذي ما زال فيه أكثر من 90% من النساء المصريات يعانين من مشكلة أمية الحرف.

3-الدعوة إلى مدنية الأحوال الشخصية:

وفقاً للمرجعية الفكرية التي يؤمن بها هذا التيار، ونزولاً عند منهجه في التقليد لكل ما هو غربي، فمن الطبيعي أن تصدر عنه أصوات منفصلة عن الواقع لتطالب بتطبيق النظام المدني في مسائل الأحوال الشخصية، كالزواج والطلاق والميراث، بمعنى العدول عن أحكام الشريعة في هذه المسائل إلى الالتزام بالقوانين الغربية، وتحرير شؤون الزواج من هيمنة الشرع ومحاكمه ورجاله.
وهذه الدعوة لم يعرفها الفكر المصري إلا في هذه المرحلة التي ندرسها، فلم يتحدث أي من مفكري القرن التاسع عشر، ومطلع القرن العشرين، عن هذه الخطوة التغريبية المتطرفة[220].
كان د. محمود عزمي من أوائل الذين نادوا بفكرة الزواج المدني في مصر، وبما في ذلك منع التعدد، ومنع الطلاق، وإباحة زواج المسلمة بغير المسلم، وأن لا يكون الدين عائقاً أمام الرغبة في الزواج بين رجل وامرأة، ففي عام 1918م وخلال المداولات لتأسيس الحزب الديمقراطي المصري، طالب بتوحيد التشريعات المصرية، وبما يشمل قانون الأحوال الشخصية "بمعنى أن يكون للمصريين كلهم أحكام زواج وطلاق واحدة.. وبمعنى أنه إذا رغبت مسلمة ولتكن إحدى أخواتنا مثلاً أن تتزوج من قبطي.. فلا يكون هناك مانع ولا اعتراض"[221]!!
وحبّذت الصحافة الليبرالية فكرة "القانون المدني" المراعي للحرية التامة، الذي هو اتجاه الثقافة الحاضرة في أوروبا ونحو الحرية، ويذكر "محرر الهلال" مقولة يتبناها –في الدعوة إلى الإباحية المبطنة- لكاتبة أمريكية مشهورة "إلين كي" تقول: "إن الحب بلا زواج لا يخالف الآداب، ولكن الزواج بلا حب هو الذي يُخالف الآداب"[222].
وتبدي القوى الليبرالية إعجاباً بتطبيق تركيا لقانون الزواج المدني اعتباراً من الرابع من تشرين أول 1926م، وتنشر "السياسة" نصوص القانون المدني التركي، وتعلّق عليه مبدية إعجابها بما حققه من مساواة بين الرجل والمرأة في كل شيء، وتعده انقلاباً كبيراً إذا أحسنت المرأة التركية الاستفادة من الحقوق التي تضمّنها له[223]، وتحدث ليبراليون عن "ألشريعة الكمالية" التي حرّرت المرأة التركية[224]، بل إن "السياسة الأسبوعية" جعلت من تطبيق القانون المدني في الأحوال الشخصية معياراً للتمييز بين دول متقدمة وأخرى متخلفة، أو بين شرق وغرب[225]، واقترح بعضهم إعطاء المواطن حرية الاحتكام إلى القانون المدني للأحوال الشخصية أو الذهاب إلى المحاكم الدينية، وأن يُنـزع أمر الزواج من قبضة رجال الدين على كل الأحوال[226].
وتكتب إحدى المجلات المعبّرة عن آراء التيار الليبرالي، منادية بالزواج المدني، وبأن يحتفظ كل من الزوجين بديانته، على أن يترك للأولاد اختيار الديانة التي تروق لكل منهم عند بلوغهم سن الرشد، "وعلى هذا تجمع بين الأولاد صلات الدم والوطنية والتربية المشتركة، ويعتبر الدين من المسائل الوجدانية البحتة التي تربط بين الإنسان والله سبحانه وتعالى"[227].
وهذا الجنوح الخيالي المفرط في الانفصال عن الواقع المصري يقود الكاتب الذي لا يجرؤ على ذكر اسمه، إلى القول بأنه "إذا كان في هذا الحل ما يخالف التقليد الإسلامي، فما هو بأول مخالفة احتملتها سماحة الإسلام ومرونته الاجتماعية، كما احتملتها أديان أخرى لا ترضى عن الزواج المختلط، وهي أهون ألف مرة من احتمال التصريح الرسمي بالمواخير والحانات والربا في بلاد إسلامية، والزواج المدني على كل حال قانون اجتماعي لا غنى عنه في أية أمة عصرية"[228]!!
وعندما كان العمل جارياً لإعداد قانون الأحوال الشخصية الصادر عام 1929م، طالب الاتحاد النسائي المصري في مذكرة مقدمة لرئيس الوزراء وزير الحقّانية ورئيس مجلس الشيوخ ورئيس مجلس النواب بتاريخ الحادي والعشرين من تشرين ثاني 1926م بصون المرأة من الظلم الواقع عليها من تعدد الزوجات بدون مبرر، ومن الإسراع في الطلاق بدون سبب جوهري، وهكذا فالاتحاد لا يطالب بالمنع ولكن يرمي إلى مزيد من القيود في شؤون التعدد والطلاق[229].
وحشد التيار الليبرالي كل ما لديه من قوى للدفع باتجاه تضمين قانون الأحوال الشخصية الجديد ما يمنع تعدد الزوجات.
وراحت الصحافة الليبرالية تخوض حرباً إعلامية لصنع رأي عام مؤيد لهذا المطلب، فهذه "السياسة الأسبوعية" تستعين بآراء اللورد كرومر، فتعود لنشر مقتطفات من كتابه "مصر الحديثة" للتدليل على عدم ملاءمة "التعدد" لروح العصر، ولتنفير المصريين منه، على اعتبار أن اللورد رأى بأن ما يحتاجه الرجل المصري من "احترام الذات" لن يتحقق إلا إذا "صار مثل الأوروبي متزوجاً من امرأة واحدة"[230]، وظل التيار الليبرالي يدعو إلى تقييد أو منع تعدد الزوجات[231].
وكما في مسألة "تعدد الزوجات" فإن الصوت الغالب في التيار الليبرالي ظل يتابع قاسم أمين في موقفه الداعي لحصر الطلاق بموافقة القاضي أو المأذون، ومنح المرأة الحق في تطليق نفسه[232]، فقد تبنى التيار الليبرالي هذه الرؤية، وجعلها الاتحاد النسائي المصري جزءاً من برنامجه الصادر عام 1923م[233].
وعبّرت الصحافة الليبرالية عن مساندتها لهذه الرؤية، وقدَّمت جريدة "كوكب الشرق" الوفدية جهداً واضحاً في هذا الإطار[234].
لكن التيار الليبرالي لم يخلُ من الأصوات المتطرفة أكثر التي عرفنا مناداتها بالقانون المدني للأحوال الشخصية، والتي طالبت بمنع الطلاق نهائي[235].
وعلى صعيد متصل فإن التيار الليبرالي كان يسعى لمواجهة المشكلات المتعلقة بمسائل الزواج، وفقاً لمرجعيته الخاصة به، فعندما يواجه المجتمع المصري ما سُمي "أزمة الزواج" الناجمة عن إقبال الشباب المصري على الزواج من الأجنبيات، فإن الليبراليين يقدّمون الحل وفقاً لمرجعيتهم، وهو ضرورة إباحة الاختلاط ليحصل التعارف ثم الحب ثم الزواج بين المصري والمصرية، فالمشكل "إنما يرجع إلى عدم اختلاط الجنسين اختلاطاً يهيئ للطرفين منهما فرص التعارف، وفرصة التواد والحب"[236]!!
أما بخصوص مساواة المرأة مع الرجل في الميراث، فإن الحديث حولها كان يأتي في إطار مدنية الأحوال الشخصية، ولما تصدّى سلامة موسى –وهو من أبرز دعاة التغريب في مصر وأكثرهم تطرفاً- للمناداة بالمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، سارعت بعض الأوساط الليبرالية للترحيب بهذه الدعوة، وكانت السياسة الأسبوعية أول صحيفة تروج له[237].
لكن التيار الليبرالي لم يُجمع حول هذه الفكرة بل وجدت الفكرة من يقاومها ويقلل من شأنه[238].
فقد انتقد د. منصور فهمي ما لجأ إليه سلامة موسى من تضخيم للمسألة وجعلها أساس التقدم وبناء الحضارة، وطالب بوضع المسألة في مكانها، وإعطائها حجمها الصحيح، مؤكداً أنه لا بد من الانتباه إلى اختلاف أنظمة الثوريث في العالم، رافضاً هذه الدعوة، ومعترضاً على اتخاذ نظام التوريث الغربي معياراً للعدالة[239].
كما رفضت هدى شعراوي تبني هذه الدعوة من قبل الاتحاد النسائي، عندما اقترح عليها سلامة موسى جعلها أحد مطالب الحركة النسائية، وعلّلت موقفها هذا بقولها: "ولست أعتقد مثله أن على الحركة النسائية في مصر، بسبب من تأثرها بالحركة النسائية في أوروبا، أن تتابعها في كل مظهر من مظاهر تطورها، فلكل بلد تشريعه وتقاليده الخاصة به، وما قد يلائم هذا البلد لا يلائم بالضرورة بلداناً أخرى[240]، وتشير إلى مسألة هامة، لم يتوقف الكثيرون عندها في خضم الالتفات للجدل النظري فقط، وهي أن المشكلة الحقيقية – كما تزعم - ليست في مقدار ما منحه الشرع للمرأة من حق في الميراث، بل إن المشكلة تكمن في عدم التزام المجتمع في منحها هذا الحق الشرعي[241]!!




العدالة الاجتماعية [242]
انشغل التيار الليبرالي بالمفاوضات مع الإنجليز، ومقارعة القصر، والصراع الحزبي، كما اهتم بالتركيز على الحريات السياسية لخدمة الأغراض الحزبية، فأهمل الاشتغال بمعالجة الهموم الاجتماعية الحقيقية، كالفقر والبطالة ومشاكل الفلاحين والعمال والفئات الفقيرة أو المسحوقة، وعدّها الليبراليون هموماً مؤجلة لحين تحقيق الإصلاح السياسي[243].
وتوقف التيار الليبرالي المصري عند المفهوم الكلاسيكي الليبرالية، الذي يحصر دور الدولة في أضيق نطاق، ويؤمن بمبادئ الاقتصاد الحر القائم على إطلاق حرية السوق والمنافسة، والعمل، والملكية الخاصة، واحترام الاختلافات الفطرية بين الناس، فكل فرد يأخذ فرصته لكن وفقاً للإمكانيات المختلفة عند الأفراد، من مهارة وبراعة وحُسن توقّع، أو بُعد نظر، وبذلك فإن الليبرالية الكلاسيكية تُبرز عدم المساواة وتؤمن بضرورتها، ولا تسعى إلى إزالتها بل للتخفيف –في أحسن الأحوال- من نتائجها وانعكاساته[244].
ولم تأبه الليبرالية المصرية بما طرأ على الليبرالية الغربية من تحولات بالاتجاه نحو ليبرالية الرفاه، أو الليبرالية الاجتماعية[245].
ولم تقدم برامج الأحزاب الليبرالية أية معالجات جادة لتحقيق شيء من العدالة الاجتماعية، لمجتمع يئن تحت وطأت مشكلات اجتماعية واقتصادية معقدة.
فالحزب الديمقراطي المصري يتحدث عن تعليم ابتدائي إجباري مجاني، وعن ترقية للطبقات العاملة، وإغاثة غير القادرين على العمل[246]، أما حزب الوفد فلم يُقدم أي برنامج محدد، على اعتبار أنه ليس مجرد حزب، بل هو ممثل الأمة كلها، لكنه كان يقف موقفاً رافضاً للاشتراكية.
كما أنه رفض أي حديث عن توزيع الثروة أو الإصلاح الزراعي، كما كان موقفه من مشاكل العمال ليبرالياً إلى أبعد الحدود، برغم ما أبداه من رغبة في السيطرة على الحركة العمالية، لإقصاء الشيوعيين والإسلاميين عن هذه الساحة، كما رفض فكرة تأسيس حزب للفلاحين أو للعمال[247].
لكن الوفد –وتحت ضغط الواقع- أخذ يُبدي اهتماماً بالشؤون الاجتماعية منذ مؤتمره العام الأول الذي انعقد في يناير (كانون ثاني) 1935م، فقد قُدّمت فيه مجموعة أوراق ذات مضامين اجتماعية تؤشّر على اهتمامات اجتماعية واضحة، وعرف الوفد نمواً للتيار الاجتماعي في داخله، ليتبلور بعد الحرب العالمية الثانية ما سُمي "الطليعة الوفدية"، وهي تحاول إضفاء مسوح اشتراكية على البرنامج الاجتماعي للوفد[248].
وتحدث برنامج حزب الأحرار الدستوريين الصادر في تشرين أول 1922م، عن دعم الحزب للتعليم الأولي الإجباري والمجاني، وتحسين الحالة الصحية، والضرائب العادلة، وترقية الزراعة، والسعي إلى تخلي الحكومة عما تحت يدها من الأطيان، ودعم التعاون، وتنظيم العلاقات بين العمال وأصحاب العمل "على قاعدة العدل اتقاءً للأمراض الاجتماعية الناشئة من تحكم أحد الفريقين"[249].
آمن الليبراليون بأن التفاوت الاجتماعي أمر طبيعي ومن طبائع الحياة، ولا يمكن إلغاؤه، فهو الأصل، وهو مفيد لانتظام الحياة البشرية، واهتمت الصحافة الليبرالية بالترويج لهذه الفكرة في سياق مواجهة الفكر الاشتراكي، وفي كثير من الأحيان تعمد إلى نشر هذه الأفكار (بدون توقيع)، لكونها تصادم مشاعر عامة المصريين الذين يعانون أوضاعاً اقتصادية واجتماعية صعبة، ويتطلعون إلى شيء من العدل والإنصاف، فهذه "الهلال" تنشر مقالاً (بدون توقيع) يقول كاتبه: "وفي الواقع إن التفاوت بين أفراد الناس وطبقاتهم، قد فرض عليهم فرضاً، وهو لخيرهم ومصلحتهم بوجه الإجمال، وإن لم يكن في مصلحة بعض الأفراد"[250]، ويخلص إلى التبشير بفشل الفكرة الاشتراكية المنادية بالمساواة، ويؤكد "أن ضمان المساواة بين طبقات البشر ضرب من المحال، فضلاً عن كونه لا يتفق مع مصلحة الاجتماع"[251].
وتعود "الهلال" عبر كاتبها المجهول للتأكيد على نفس المعاني، ولتبرير شريعة الغاب في الحياة الاجتماعية، أو لما أسماه البعض "الليبرالية المتوحشة"، وبأبشع صورها، منطلقاً من نظرية "تنازع البقاء"، وأن البقاء للإصلاح "وأن الأفراد غير متساوين في صلاحهم للبقاء، لأن بعضهم ضعفاء غير نافعين للاجتماع –وهؤلاء يجب أن ينقرضوا ويُفسحوا في المجال لغيرهم !! - والبعض أقوياء نافعون فيجب أن نطلق لهم الحرية، ليفتكوا بمن هم أضعف منهم من أفراد نوعهم أو من أفراد أي نوع آخر"[252].
لكن د. محمد حسين هيكل تصدى لهذه الأفكار، بتركيزه على رفض "المادية" المستقاة من حضارة الغرب، التي أسماها "حضارة المال والاستعمار في سبيل المال"، لذلك فلا يمكن أن يُرتجى منها أن تعاون على تحقيق البر والرحمة، أو أن تخفف من ويلات من تقسو الأقدار عليهم، بل هي على العكس ترى هؤلاء الذين قست عليهم الأقدار غير صالحين للبقاء، وتقضي عليهم لذلك بأن يفنوا تحت عبء أرزائهم وهمومهم"[253]، وهو يعرّض بدعاة الدارونية، وأفكارها التي استغلت لتبرير "الليبرالية المتوحشة"[254]، أو الرأسمالية في أبشع صورها، والبديل هو حضارة الإسلام، وما يدعو إليه الإسلام من البر والتقوى، وما يفرضه على الناس من الزكاة والصدقة، وما يوصي باليتيم والبائس، والمحروم[255].
واهتمت الصحافة الليبرالية بالتنبيه إلى ظاهرة الفقر التي تجتاح مصر، وإلى مخاطرها. وقدمت رؤيتها للعلاج ضمن المفاهيم الليبرالية[256]، التي تتحدث عن ضرورة تطوير الفقير لقدراته، وتغيير قيمه وسلوكه، مع التأكيد على أن مصر فقيرة بقدراتها.
وأن المشكلة ليست في سوء توزيع الثروة، بل هي في قلّة الإنتاج. "إن الداء ليس في التوزيع، بل إنه نشأ عن النقص الأساسي في الاقتصاد الوطني"[257].
وفي المسائل المتصلة بالعمل والعمال، كان الفكر الليبرالي يؤمن بأن العمل هو سلعة لها ثمن يحدده صاحب العمل، بحسب التعاقد بينه وبين العامل، ووفقاً لقاعدة "العقد شريعة المتعاقدين"[258]، وبطبيعة الحال فإن الموقف الليبرالي ميَّال بطبعه لجانب صاحب رأس المال[259]، أما التعاطف مع العامل فينحصر في الاعتراف بحقه بتوفر شروط العمل الصحية، ومنحه الأجر المناسب، وساعات العمل المناسبة[260].
أما تدخل الدولة في حل هذه المشكلات، ومنها –مثلاً- مشكلة البطالة، فهذا مرفوض وفقاً للمنطق الليبرالي !! فنجد أحمد لطفي السيد، يرفض تدخل الدولة بالتشريع لحل أزمة البطالة بين المتعلمين، ويقول: "وأنا لا أنظر بعين الارتياح إلى تدخل الحكومة إذ أنني أرى أن التشريع فيما لا تقضي به الضرورة القصوى تُشتم منه رائحة الاشتراكية، ويكون من الخير أن يترك ميدان الأعمال العامة بين المتعلمين لتختار الحياة الاجتماعية الأصلح منهم بعد التنافس"[261].
وإيماناً منه بأن مذهب "اللبراليزم" الذي يؤمن به "يحدُّ حرية الحكومة لا في التشريع فحسب بل في المداخلة في الأعمال العامة، هذا المذهب قد يقتضي مثاله الأعلى أن تقتصر الحكومة على مرافق ثلاثة من مرافق البلاد:
1- الدفاع عن البلاد في الخارج بالجيش.
2- القيام على الأمن العام بالشرطة.
3- وإقامة العدل بين الناس بالقضاء.
وما عدا ذلك من مرافق الدولة كالتعليم العام، والصحة العامة والأشغال "العمومية"، كل ذلك ينبغي أن يكون من عمل الأفراد والشركات والجمعيات الحرة. " وكنت أعتبر ولا أزال، أن تدخل الحكومة فيه، سببه الضرورة ، أي عدم وجود من يقوم به"[262].
وعندما طالب أحدهم على صفحات "الأهرام" بضرورة أن تتصدى الحكومة للقيام بواجباتها، فتلتزم بتوفير عمل لكل فرد، باعتبار أنه شكل من أشكال التضامن، وأن عليها أن توزع كمية العمل الموجودة فعلاً على جميع الأفراد، فلا يُحرم بعضهم من العمل لكي يظفر آخرون بنصيب الأسد، وأنه من واجبها أن تنشئ وظائف جديدة تمنح مرتباتها من المال المتوفر بعد تخفيض المرتبات الكبيرة، وإلزام أصحاب الأعمال بزيادة عدد عمالهم. نجد "الأهرام" تعلّق على هذه الاقتراحات للتخفيف من مشكلة البطالة، بالقول: "إن تقرير هذه القواعد معناه قلب المبادئ الاقتصادية كما وضعها آدم سميث.. ومن تابعهم من علماء المدرسة الكلاسيكية في القرن الثامن عشر ، وأساسها الحرية الاقتصادية والمنافسة التي لا يحدها حدّ.. وقد أعطت نظرية الحرية الاقتصادية العالم نهضة عظيمة ورخاء مادياً كبيراً، ولكن بينما منحتنا نظرية الحرية الاقتصادية هذا كله –وهو فضل عظيم لا ينبغي أن نجحده- اقتضتنا تضحيات كبيرة كان بعضها هؤلاء العمال كانت التضحية ضرورية في سبيل تقدم البشرية، تحمّلها الضعيف، وتلك هي السنة الخالدة.. ولكن ينبغي ألا نبالغ في الغض من النشاط الفردي وتقييد حريته فكل تدخل من الدولة مكروه، ولذلك يجب أن يقتصر بقدر الإمكان على ما يكفل منع الشرور الواضحة وتخليص الحضارة التي نعيشها من القسوة التي تُفسد جمالها وتجعلها تبدو وكأن لا قلب لها"[263].
وعندما طرح البعض –ومنهم أحمد لطفي السيد رئيس الجماعة آنذاك- تقليص التعليم العالي لحل أزمة البطالة[264]، وأيد البعض هذا الاقتراح من باب أن التعليم العالي يُفسد الفلاح، ويفصله عن العمل في الأرض[265]، نجد أن د. طه حسين، يعترض على هذا الاقتراح، ويؤكد أنه "لن تعالج البطالة بإكراه الشعب على الجهل، وإنما تُعالج بفتح أبواب التعليم على مصاريعها، وبالإسراع في ذلك حتى يرشد الشعب"[266]، وفي المقابل نادى بضرورة تعميم التعليم الأولي من سن السابعة إلى الثامنة عشرة، على اعتبار أن ذلك يأتي في إطار حق المصريين جميعاً في الحصول على التعليم العام[267]، وساندته ميّ زيادة في موقفه هذا، ورفضت تقليص التعليم الجامعي، وطالبت بإطلاقه أمام الجميع[268].
وانتقد محمد زكي عبدالقادر الطبقية في مصر، والضرائب الموجهة لمصلحة الأغنياء، متهماً بأن سياسة الضرائب والتسويات تنتهي إلى تركيز الثروة في طبقة معينة، كما أن سياسات التوظيف تنتهي إلى تركيز الجاه والنفوذ في الطبقة نفسه[269].
أما فيما يخص الفلاح ومشاكله، فقد تكلف الليبراليون التعاطف مع معاناته من الفقر والمرض والجهل[270]، وقدموا حديثاً عاطفياً عن الفلاح وأهميته، ودوره في الإنتاج، وعن ضرورة تهيئة أسباب الحياة الإنسانية له[271]، ولم يكن هذا الاهتمام بعيداً عن الغرض السياسي، فعندما يكون الحزب خارج السلطة، تبدي صحافته اهتماماً مفاجئاً ومبالغاً فيه بهموم الفقراء والفلاحين والعمال، ومعاناة الشعب، لمجرد إحراج الحزب الجالس في مقاعد الوزارة[272] !!
ولم تكن المصالح الشخصية بعيدة عن الوقوف وراء تسليط الأضواء على هذه القضية، أو إهمال تلك والتعتيم عليها، وهناك اتهام دائم للفلاح بسوء التدبير وعدم القدرة على ضبط نفقاته، وهذا –في نظرهم- هو سبب فقره، وعجزه عن سداد ديونه[273].
وهناك إصرار على عدم الاستماع لأي صوت يتحدث عن تحديد الملكية العقارية، ففي العُرف الليبرالي لا مجال لهذه الفكرة في بلاد ديمقراطية تحترم حرية الفرد، ومجال نشاطه وتفكيره، وثمرات جدّه كمصر!! [274].
وتحدثت أصوات ليبرالية عن تحسين أحوال الفلاح بتيسير أسباب المعيشة العامة (رفع مستوى معيشته)، وإصلاح نظام الضرائب ليصبح تصاعدياً، بزيادتها على الأغنياء، وتخفيفها على الفقراء، وتوفير الأمن في الريف والحد من الجرائم، وجرى تبرير الدعوة إلى توفير الأمن، لأن ذلك سيسمح للفلاح ببناء بيت ذي نوافذ، ولأن يأمن على ما لديه من دواب فلا ينام وإياها في نفس المكان لحمايتها، ولأهل القرية ببناء منازل متباعدة! والدعوة إلى العناية بالصحة العامة، وفرض التعليم الإجباري ومحاربة الأمية، وتطوير الصناعة المصرية ودعمه[275].
إن هذا البرنامج الواقعي للإصلاح في الريف، يشير إلى حجم معاناة الفلاح، وحقيقة ما يعانيه من مشكلات، كانت النخب الفكرية والسياسية تحلّق عالياً وبعيداً عنها.
والدكتور هيكل في "حديث اليوم" الذي يفتتح به أعداد "السياسة" يحذر من مغبة تسرب الشيوعية إلى الريف وبين الفلاحين "أكثر طوائف هذه الأمة سكينة وأبعدهم عن هذه الأفكار الشيوعية التي لم تعرف لها منبتاً في غير البلاد الصناعية.. فلو أن بيئة تأبى الشيوعية بطبعها فتلك هي البيئة المصرية، وحياتنا الاقتصادية القائم أساسها إلى اليوم على الملكية الزراعية، لا يمكن أن تقبل هذه المبادئ الضارة.. فليست طوائفنا العاملة في الأرياف، متأثرة بالهوس الاجتماعي الذي تتأثر به بعض بيئات العمال في أوروبا، وهي في إيمانها بأن الله يرزق من يشاء بغير حساب، ترى في هؤلاء الدعاة الشيوعيين أكثر من ثائر على الدين، وعلى الحكومة، وأكثر من مخادعين يريدون من دعوتهم تسخير هذه الطوائف الآمنة الوادعة لمصالحهم الخاصة، وهي على أتم الاستعداد لأن تعاون الحكومة في تعقب هؤلاء الخوارج الذين يريدون أن يفسدوا نظاماً قائماً على الحق والشرع"[276] !!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مرمر

مرمر


تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Oui-caaoni-albums-oui-caaoni-picture514-egypt-1
انثى
عدد المساهمات : 42
تاريخ التسجيل : 20/07/2010

تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام   تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام Icon_minitime1الجمعة ديسمبر 23, 2011 8:54 pm

الحياة العمومية" قاسم أمين، المرأة الجديدة، الأعمال الكاملة، ج2، ص 161، لكنه يقر حقها في العمل في الإفتاء أو القضاء أو الحكم بين الناس بالعدل. قاسم أمين، المرأة الجديدة، الأعمال الكاملة، ج2، ص122. ومن الطبيعي أن لا يتحدث هنا عن حقوق سياسية كالانتخابات والترشيح. لأنها غير معروفة وغير موجودة بالنسبة للرجل نفسه حتى الآن.
[215] احتفت الصحافة الليبرالية بتعيين خالدة أديب وزيرة للمعارف في تركيا، عبد الحميد حمدي "نهضة المرأة، أول وزيرة في العالم"، السفور، ع128، 28 مايو 1920، ص 2. وكتب (س. بسطا) يؤيد منح المرأة الحق في الانتخابات، مع إقراره بأنها خطوة متقدمة لم يحن موعدها بعد، المقطم، ع 10232، 1نوفمبر (تشرين ثاني) 1922، ص 2.
إبراهيم حلمي، "المرأة والانتخابات السياسية، حجج المناصرين والمعارضين"، الهلال، م31، ع8، أول مايو (أيار) 1923، ص821-826. جان كانورد (مترجم)، "لماذا البدء بالحقوق السياسية قبل الاجتماعية والاقتصادية"، السياسة، ع 769، 20 إبريل (نيسان) 1925، ص3. الليدي ببرسن، (مترجم) "المرأة السياسية، هل هي أسعد حالاً من غيرها؟ وهل تحرير المرأة مصلحة اجتماعية"، السياسة الأسبوعية، ع172، 22 يونيو (حزيران) 1922، ص7. "أخبار النساء في أمريكا وأوروبا ونيلهن حقوقاً سياسية في أمريكا"، السياسة الأسبوعية، ع161، 16 إبريل (نيسان)، 1929، ص 6-8. "في بلاد الكواعب، تحرير المرأة الحديثة في إسبانيا آخر معاقل النساء المحافظات في أوروبا"، السياسة الأسبوعية، ع175، 13 يوليو (تموز)، 1929، ص6. "النساء في البرلمان البريطاني، هل حققن الآمال المعقودة عليهن؟ المرأة لا تثق بالمرأة"، السياسة الأسبوعية، ع178، 13 أغسطس (آب)، 1929، ص21. "حقوق المرأة في فرنسا"، السياسة الأسبوعية، ع 194، 23 نوفمبر (تشرين ثاني) 1929، ص 16.
محمد جميل بيهم، "المرأة والحقوق السياسية في التمدن الحديث"، المقتطف، م70، جـ3، 1مارس (آذار) 1927، ص 253-256.
[216] لم يتحقق هذا المطلب إلا في عام 1956. د. مارجو بدران، رائدات الحركة النسوية، ص340.
[217] نصت المادة الخامسة من قانون الاتحاد النسائي على "تعديل قانون الانتخابات باشراك النساء مع الرجال في حق الانتخاب.."، د. آمال السبكي، الحركة النسائية في مصر، ص202.
[218] هدى شعراوي، "عشية الانتخابات"، "المصرية"، ع3، نيسان (إبريل) 1925، (مقالات هدى شعراوي في مجلة (المصرية) منشورة في، د. جورجيت عطية إبراهيم، هدى شعراوي الزمن والريادة، جـ2، ص 21-23. منيرة ثابت، "نداء السيدات إلى الشعب المصري"، كوكب الشرق، ع97، 10يناير (كانون ثاني) 1925، ص5. وكأن هدى شعرواي أصبحت أكثر هدوءًا في المطالبة بحق المرأة في الانتخاب والترشيح، فلم تعد في الثلاثينيات تلح على هذا المطللب، ولم تعد تتحدث عنه إلا بطرق غير مباشرة عبر المطالبة بأن يمثل البرلمان، جميع الأمة لا بضعها، وبالمطالبة بالمساواة بين المواطنين أمام القانون. هدى شعراوي، "خطاب مفتوح"، مجلة المرأة المصرية، ع9، 15 حزيران (يونيو) 1937، في د. جورجيت عطية إبراهيم، هدى شعراوي، الزمن والريادة، ص 320-321.
[219] د. أمير بقطر، "البيت المصري، كيف ننهض به وترقيه"، الهلال، م46، ج10، أول أغسطس (آب)، 1938، ص1093-1100، ص1098.
[220] لقد تحدث الطهطاوي عن مجرد عدم تحبيذ تعدد الزوجات، منطلقاً من أن الإسلام اشترط العدل بين الزوجات في حال التعدد، وتحقيق العدل أمر في غاية الصعوبة. الطهطاوي، المرشد الأمين، الأعمال الكاملة، ج2، ص489، ص499. أما قاسم أمين، فلم يخرج – كما يزعم - في معالجته لقضايا الأحوال الشخصية على الإطار الشرعي. وتبنى آراء شيخه محمد عبده في هذا الميدان. بالرغم من اعتباره نظام تعدد الزوجات نظاماً قديماً وفيه احتقار شديد للمرأة. وكلما زاد انتشاره زاد حال المرأة انحطاطاً. وتوسّع في شرح مضاره وسلبياته. قاسم أمين، تحرير المرأة، الأعمال الكاملة، ج2، ص89-90. وأكد على أن الأصل هو الإفراد، وأن التعدد هو الاستثناء في حالات معدودة كمرض الزوجة الذي يعيق قيامها بواجباتها، أو إذا كانت عاقراً، وينبه إلى أن التعدد كسائر أنواع الحلال تعتريه الأحكام الشرعية الأخرى من المنع والكراهية وغيرهما بحسب ما يترتب عليه من المفاسد والمصالح. م.ن، ص 93.
[221] محمود عزمي، خبايا سياسية، ص 38. وروّج البعض لهذه الفكرة لتحقيق الوحدة الوطنية، "نظم الأحوال الشخصية وأثر إصلاحها في حياة الشرق"، (بدون توقيع)، السياسة الأسبوعية، ع105، 10 مارس (آذار) 1928، ص3.
[222] "الطلاق وأسبابه في الدول الغربية"، (بدون توقيع)، الهلال، م31، ج8، 1 مايو/ أيار 1923، (ص826-829)، ص 829.
[223] "تركيا حاضرها ومستقبلها، الأتراك في مراقصهم ومجتمعاتهم"، المقتطف (القاهرة)، م70، جـ6، 1 يونيو (حزيران) 1927م، ص.ص، 632-634 السياسة، ع1222، 4أكتوبر (تشرين أول) 1926، ص2. الأسبوع، ع1، 29 نوفمبر (تشرين ثاني) 1933، ص19.
[224] محمد الصباحي، "مملكة المرأة وثبة المرأة التركية، من مقتضيات نهوض الأمة المستيقظة"، السيدات والرجال، ع 9، 31 أغسطس (آب) 1927، ص 581-584.
[225] "نظم الأحوال الشخصية وأثر إصلاحها في حياة الشرق"، افتتاحية (بدون توقيع)، السياسة الأسبوعية، ع105، 10 مارس (آذار) 1928، ص3.
[226] بولس مصويع، "الزواج المدني، أفضليته لمصر وسائر الأمم الشرقية"، السيدات والرجال، ع31، 9 اغسطس (آب) 1927، ص 628-631.
[227] مجلة "الإمام"، (الإسكندرية)، ع11، 1936، ص 677.
[228] م.ن، ص 678.
[229] مجلة "المصرية"، ع19، تشرين ثاني (نوفمبر) 1926، في، جورجيت عطية إبراهيم، هدى شعراوي الزمن والريادة، ج2، ص91.
[230] "المرأة المصرية، بقلم اللورد كرومر عن كتابه مصر الحديثة"، السياسة الأسبوعية، ع80، 17 سبتمبر (أيلول) 1927، ص24.
[231] "تعدد الزوجات أيضاً، بمناسبة فتوى الأستاذ الإمام"، كوكب الشرق، ع800، 8إيريل (نيسان) 1927، ص1. عمر عناتي، "قانون الزواج والطلاق"، المقطم، ع(11945)، 9 يونيو (حزيران) 1928، ص1. يوسف حنا، "كيف تسقط المرأة في مصر"، السياسة الأسبوعية، ع203، 25 يناير (كانون ثاني) 1930، ص 11. د. أمير بقطر، "البيت المصري، كيف ننهض به ونرقيه"، الهلال، م46، ج1، أول أغسطس (آب) 1938، (ص1093-1110)، محمد علي علوبة (سكرتير حزب الأحرار الدستوريين)، مبادئ في السياسة، ص246.
[232] اقترح قاسم أمين نظاماً للطلاق، يقصره على الحضور أمام القاضي أو المأذون، الذي يستطلع الحالة، ويقدم النصح والإرشاد، ثم يلجأ إلى التحكيم، ولا يصح وقوع الطلاق إلا أمام القاضي أو المأذون وبحضور شاهدين، مطالباً بمنح المرأة حق الطلاق، والعدول عن المذهب الحنفي الذي يحرم المرأة هذا الحق، أو العمل به مع أن تشترط المرأة المتزوجة أن يكون لها الحق في تطليق نفسها متى شاءت أو تحت شرط من الشروط، وهذا ما تقبله جميع المذاهب. قاسم أمين، تحرير المرأة، الأعمال الكاملة، ج2، ص104-108.
[233] د. آمال السبكي، الحركة النسائية، ص 202. كتب أحدهم بتوقيع رمزي (م.أ.ط) في كوكب الشرق الوفدية تحت عنوان (خطر يهدد الحياة الاجتماعية) يقصد الطلاق، ومطالباً بتقييد الطلاق وأن يكون مسبباً وأمام هيئة قضائية، وهو يتوقع معارضة العلماء . كوكب الشرق، ع 108، 23 يناير (كانون ثاني) 1925، ص2.
[234] كوكب الشرق، الأعداد: 836-848، (20 مايو (أيار) 1927-4 يونيو (حزيران) 1927).
[235] أمير بقطر، البيت المصري، كيف ننهض به ونرقيه، الهلال، م46، ج1، أول أغسطس (آب) 1938، ص1999".
[236] د. محمود عزمي، "التزوج بالأجنبيات وما يلقاه في الشرق من مقاومة"، الهلال، م36، ج10، أول أغسطس (آب) 1928، ص1171-1175. (بدون توقيع)، "أزمة الزواج، نحو السفور الحقيقي، وجوب اختلاط الجنسين"، الأسبوع، ع28، 6 يونيو (حزيران) 1934، ص14 و28. فكري أباظة، "مشكلة الزواج في مصر"، الهلال م41، ج3، أول يناير (كانون ثاني) 1934، ص321-329.
[237] سلامة موسى، "النهضة النسائية في مصر تحتاج إلى المطالبة بالمساواة الاقتصادية"، السياسة الأسبوعية، ع147، 29 ديسمبر (كانون أول)، 1928، ص(8-9)، ص11. وعاد د. فخري ميخائيل لإثارة نفس الفكرة والمطالبة بمساواة المرأة بالرجل في الميراث، عاداً نظام الميراث الإسلامي ملحقاً للضرر بالمرأة، ومطالباً باللجوء إلى القانون المدني في هذه المسألة وغيرها. وقد أثار هذه القضية في محاضرة ألقاها في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، مما أثار ردود فعل عنيفة ضده، فقدمته النيابة العامة للمحاكمة بتهمة الطعن في الإسلام، ولما تبين أنه طعن في الكاثوليكية أيضاً، رُفعت عليه دعوى ثانية. وفي سياق ردود الفعل قدم الشيخ محمد عرفه المدرس في الأزهر محاضرة عامة في دار العلوم رداً على نظرية المساواة بين المرأة والرجل في الميراث. مجلة "الرابطة الشرقية" (القاهرة) السنة الثانية، ع6، 15 مارس (آذار) 1930، ص16-17.
[238] أنور الجندي، الفكر العربي المعاصر، ص 615-616.
[239] د. منصور فهمي، "الشرق والغرب"، الرابطة الشرقية، ع2، 15 ديسمبر (كانون أول) 1928، ص52.
[240] هدى شعراوي، "حصة المرأة في الميراث"، مجلة "المصرية"، ع45، كانون ثاني (يناير)، 1929، في جورجيت عطية إبراهيم، هدى شعراوي الزمن والريادة، ج2، ص163.
[241] م.ن، ص166، 169.
[242] إن مصطلح العدالة الاجتماعية غربي المنشأ، ظهر في المجتمعات الرأسمالية الأوروبية بعد الثورة الصناعية، وتفاقم المشكلات الاجتماعية الناجمة عن اختلال العلاقة بين من يملك ومن لا يملك، أو بين الأغنياء والفقراء، وأصحاب العمل والعمال. فجاءت الفكرة في إطار محاولات المفكرين والمصلحين الاجتماعيين في الغرب للتخفيف من سلبيات النظام الرأسمالي، وتقليص معاناة الفئات المسحوقة، عبر تدخل محدود مقنن للدولة من خلال التشريعات لفرض ضرائب على الأغنياء، تمكنها من تقديم تأمينات ومساعدات اجتماعية للفئات المحتاجة من العمال والفقراء، والعاطلين عن العمل، والعجزة، والشيوخ، وذوي الحاجات والظروف الخاصة. وتوفير شيء من تكافؤ الفرض أمام الأفراد في النمو والتربية والتنشئة وفرص التقدم، وفقاً لقدرات الفرد ومواهبه. وإذا كان المصطلح وافداً من الغرب، فإن موروثنا الحضاري، المتصل بمبادئ الإسلام، عرف هذه المبادئ والمضامين، وإن لم يعرف المصطلح بذاته. وقد قدم الإسلام منظومة متكاملة من المبادئ الاقتصادية والاجتماعية الكفيلة بتوفير العيش الكريم لكل فئات المجتمع، وتحقيق تكافؤ الفرص، والعدل والمساواة التي ينشدها البشر. لكن هذه المبادئ العامة كانت تحتاج دوماً لجهد الفقيه المسلم القادر على استنباط المعالجات السليمة والشرعية لمشكلات الواقع المعاصر.
وحول مفهوم العدالة الاجتماعية، يمكن مراجعة؛ إحسان عبدالمنعم سمارة، "مفهوم العدالة الاجتماعية في الفكر الإسلامي المعاصر" رسالة ماجستير في الفلسفة، الجامعة الأردنية، 1986، إشراف د. أحمد ماضي. ثروت بدوي، النظم السياسية، دار النهضة العربية، القاهرة، د. ت، جـ1، ص 369-371. إبراهيم مدكور، (تصدير ومراجعة)، معجم العلوم الاجتماعية، ص385. ميشيل مان، موسوعة العلوم الاجتماعية، ص134.
[243] ألبرت حوراني، الفكر العربي، ص 411-412.
[244] ياسر قنصوة، مفهوم الحرية في الليبرالية المعاصرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2000، ص206، ص221 وسيشار إليه فيما بعد. قنصوة، مفهوم الحرية. ص206، ص221. د. سعد الدين إبراهيم، المسألة الاجتماعية بين التراث وتحديات العصر، في، التراث وتحديات العصر في الوطن العربي (الأصالة والمعاصرة)، ندوة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط1، 1985، ص502.
[245] إبراهيم، المسألة الاجتماعية، ص503-505. محمود السعيد إدريس، الوفد والطبقة العاملة، 1924-1952، دار الثقافة الجديدة، ص119-121.
[246] قانون الحزب الديمقراطي المصري، الطليعة، ع2، فبراير (شباط) 1965، ص 158.
[247] عبدالعظيم رمضان، حزب الوفد بين اليمين واليسار، موقع الوفد الأيديولوجي، الكاتب، ع147، يونيو (حزيران) 1973، ص56-65، وسيشار إليه، رمضان، حزب الوفد بين اليمين واليسار. إدريس الوفد والطبقة العاملة، ص 84. هلال، السياسة والحكم، ص135-136، ص 178. بيومي، قضايا الفلاح في البرلمان المصري، ص150.
[248] الرافعي، في أعقاب الثورة، ج2، ص196-197. إدريس، الوفد والطبقة العاملة. ص85. مريت بطرس غالي، سياسة الغد (برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي)، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، ط2، 1944، (ط1، 1938)، ص 16-17. مجيد خدوري، الاتجاهات السياسية، ص242.
[249] قانون حزب الأحرار الدستوريين، الطليعة، ع3، مارس 1965، ص 145.
[250] "نظام الطبقات والتفاوت بين البشر ضروري للعمران" (بدون توقيع)، الهلال، م41، ج2، أول ديسمبر، 1932، ص231.
[251] م. ن، ص232.
[252] "التفاوت بين الخظوظ، ظلم لابد منه لنظام الاجتماع"، (بدون توقيع)، الهلال، م43، ج7، أول مايو (أيار). 1935، (ص 845-848)، ص845.
[253] د. محمد حسين هيكل، "حضارة البر والرحمة"، الهلال، م43، ج9، أول يوليه (تموز) 1935، (ص1026-1029) ص1029.
[254] يمكن مراجعة؛ د. رمزي زكي، الليبرالية المتوحشة، ملاحظات حول التوجهات الجديدة للرأسمالية المعاصرة، دار المستقبل العربي، القاهرة، ط1، 1993.
[255] د. محمد حسين هيكل، "حضارة البر والرحمة"، ص 1029.
[256] عباس شوقي، "غذاء الفقراء في مصر، ارتباطه بنهضتنا الاقتصادية"، السياسة الأسبوعية، ع71، 16 يوليو (تموز) 1927، ص 23.
عباس شوقي، "المال والأغنياء في مصر"، السياسة الأسبوعية، ع73، 30 يوليو (تموز) 1927، ص 22. عباس شوقي، "لماذا نحن فقراء؟"، السياسة الأسبوعية، ع82، أول أكتوبر (تشرين أول)، 1927، ص23. "الأزمة الاقتصادية في مصر لا علاج لها إلا تنفيذ سياسة اقتصادية رشيدة" (افتتاحية) السياسة الأسبوعية ع114، 12 مايو (أيار)، 1922، ص 14.
[257] مريت غالي، سياسة الغد، ص 75.
[258] إدريس، الوفد والطبقة العاملة، ص 105-106.
[259] م. ن، ص 127، لقد ماطلت الحكومات المتعاقبة، وهي كلها محسوبة على التيار الليبرالي بشكل أو آخر، في إصدار أي تشريع يقر حقوق العمال، أو يعترف بنقاباتهم، وبعد ضغوط بدأ الإعداد لتشريع عمالي، وانتهى من إعداده 1927، لكنه لم يصدر رسمياً إلا في عام 1942. وكانت الصحافة الليبرالية تعزف على نغمة التشريعات العمالية، لإخراج الخصوم السياسيين في الوزارة. انظر مثلاً دفاع "السياسة" لسان حال حزب الأحرار الدستوريين عن ضرورة إصدار الوزارة الوفدية لتشريع عمالي، يحول دون ترك العمال فريسة الفوضى مما يضاعف خطر الشيوعية. واتهمت الوزارة الوفدية بالسماح بصدور صحف شيوعية تدافع عن العمال وتنشر الشيوعية في أوساطهم. السياسة، ع 2324، 23 إبريل (نيسان) 1930، ص1.
[260] أحمد توفيق، "مشاكل العمل ورعاية حقوق العمال"، السياسة الأسبوعية، السنة السادسة، ع3، 3 يناير (كانون ثاني) 1937، ص15. عباس شوقي، "حماية حديثي السن من العمال"، السياسة الأسبوعية، ع68، 25 يونيو (حزيران) 1927، ص22.
[261] أحمد لطفي السيد، "أزمة المتعلمين في مصر"، الهلال، م40، ج2، أول ديسمبر (كانون أول) 1931، (ص177-188) ص183.
[262] أحمد لطفي السيد، "تطور حياتنا العقلية"، المقتطف (القاهرة)، م88، جـ5، 1 مايو (أيار) 1936م، ص589.
[263] الأهرام، ع19361، 7/8/1938، ص1.
[264] أحمد لطفي السيد، "أزمة المتعلمين في مصر"، الهلال، م40، جـ2، أول ديسمبر (كانون أول) 1931، ص183. مريت غالي، سياسة الغد، ص118.
مصطفى فهمي، "البطالة ووسائل علاجها، والتعليم الإقليمي وأثره في علاج البطالة"، السياسة الأسبوعية، ع2، 22 يناير (كانون ثاني)، 1937، ص4.
[265] أنور الجندي، الفكر العربي المعاصر، ص544-545. عاصم الدسوقي، كبار ملاك الأرض، ص 304-305.
[266] د. طه حسين، مستقبل الثقافة في مصر، ص95.
[267] م.ن، ص98.
[268] مي زيادة، "في التعليم الجامعي الإجباري"، الهلال، م47، ج8، أول يوليه (تموز)، 1939، ص857.
[269] محمد زكي عبدالقادر، الأهرام، ع19605، 13/4/1939م، ص3.
[270] محمد خالد، "أنقذوا الفلاح من براثن المرابين"، السياسة الأسبوعية، ع100، 4 فبراير (شباط) 1928، ص 20. حافظ محمود، "بين الفلاح والفلاحات"، السياسة الأسبوعية، ع125، 28 يوليو (تموز) 1928، ص23 د. هيكل، "هجرة الريف إلى المدن، أسبابها، وخطرها، ضرورة تلافيها"، السياسة الأسبوعية، ع208، 1 مارس (آذار) 1930، ص3-4. هذا مع وجود هجوم دائم على "إسراف الفلاح" وسوء إدارته لموارده وإنقاقه غير المنضبط لما يجنيه، ويرافق ذلك استفاضة في تقديم النصح والوعظ والإرشاد يصدّع رأس الفلاح الذي لا يقرأ هذا الصحافة أصلاً. عباس شوق، "لماذا نحن فقراء" السياسة الأسبوعية، ع28، 1 أكتوبر (تشرين أول) 1927، ص23. عبدالحميد رمضان، "الحياة المصرية المضطربة"، السياسة الأسبوعية، ع150، 19 يناير 1929، ص4. إن التيار الليبرالي اعتاد منذ مطلع القرن على معالجة شؤون الفلاح بهذه الروح، إذ قدّم أحدهم وصفاً لسوء تصرف الفلاح، الذي يجر عليه سوء ما يعانيه من أحوال. "وناهيك بالفلاح، وجه الإسراف، وجهله، حاضره ومستقبله، وقلة اهتمامه لغده، قدر اهتمامه بيومه، وهم المتوسعون في نفقاتهم في السر إلى حد دونه السفه. فضلاً عن خلق التنافس (حتى في الزواج) وهم كثيرو الخصومات في معاملتهم لبعضهم بعضاً، لأقل سبب. وقضاياهم ومواقفهم في مرادات البيوع وأخذهم وعطاهم من جيرانهم وأقربائهم، كلها أسباب تجر بهم إلى الإسراف والاستدانة حتى توقعهم في تعاسة الفقر والعيشة الضنكة. حتى أن ديونهم أصبحت ثقيلة الحمل عليهم، وميلهم إلى الفتور، وإلى ما يسيء السمعة، جعلهم في حاجة من يتولى أعمالهم بالجد من أهل العلم.... إذ هم يبيعون محصولهم قبل حصاده أو في ابتداء الموسم برخيص الأثمان. وهم لا يعلمون ما يأتي به الغد من أسعار.. فضلاً عن ولوجهم أبواباً يجهلونها من شراء الأسهم والسندات... ثم جهلهم في حرفتهم ودليل ذلك قلة غلة الزراعة في القطر. محمد عمر، حاضر المصريين أو سر تأخرهم، مطبعة المقتطف، القاهرة، 1902، ص 146-147.
[271] د. هيكل، "واجبنا نحو الفلاح"، السياسة الأسبوعية السنة السادسة، ع11ن 27 مارس (آذار)، 1937، ص 12-13. ابنة الشاطئ، "نعم هذا يُطاق.."، الأهرام، ع 1961، 7/8/1938، ص1.
[272] زكريا بيومي، قضايا الفلاح في البرلمان، ص 111-112.
[273] من الأمثلة على ذلك تصريحات رئيس الوزراء إسماعيل صدقي، أحمد شفيق باشا، حوليات مصر السياسية، الحولية السابعة (1930)، المطبعة الهندية، ط1، 1931، القسم الثاني، ص1122.
[274] علوبة، مبادئ في السياسة، ص 52.
[275] د. كامل هلال، "إصلاح الريف وترقية حال الفلاح المصري"، المقتطف (القاهرة)، م89، جـ4، 1 نوفمبر (تشرين ثاني) 1936، ص 424-428.
[276] السياسة، ع 804، أول يونيو (حزيران) 1925، ص4.
[277] رجاء بهلول، المرأة وأسس الديمقراطية، ص 33-34.
[278] د. طه حسين، مستقبل الثقافة في مصر، ص54، ص63.
[279] ألبرت حوراني، طه حسين تفكيره الاجتماعي، الحوار، السنة الأولى، ع1، تشرين ثاني، ص234. مجيد خدوري، الاتجاهات السياسية، ص 234.
[280] محمد عبدالله عنان، "أدوار الصراع بين الثقافة الأزهرية، والثقافة الحديثة"، الهلال، م45، ج4، فبراير (شباط) 1937، ص384-387.
[281] د. أمير بقطر، "الجيل المصري المقبل، تكوينه من ناحيتي الأهخلاق والشخصية"، الهلال، م46، ج4، أول فبراير (شباط) 1938، ص366-373.
[282] السياسة، ع1226، 8 أكتوبر (تشرين أول) 1926، ص1.
[283] من أبرز هذه الأسئلة.
- هل في طاقة الشباب أن يعيش عيشة طاهرة، أم هذه العيشة لا وجود لها إلا في عالم الخيال؟
- هل الرقص مرغوب فيه؟
- هل يجوز للشباب أن يثور على العادات والتقاليد، ومتى لا يجوز؟
- ما الفائدة من الدعاء إلى الله أن ينـزل الغيث "المطر" في فترات الجفاف طالما نحن نعلم أن المطر خاضع لقوانين طبيعية جوية هيهات أن يعمل الخالق على كسرها؟
- إذا تعارض الدين مع العلم فأيهما نصدق؟
د. أمير بقطر، "الجيل المصري المقبل، تكوينه من ناحيتي الأخلاق والشخصية"، الهلال، م46، جـ4، أول فبراير (شباط) 1938، ص 373.
[284] د. محمد حسين هيكل، "إصبع مأجورة، لا للفضيلة ولا للدين"، السياسة، ع1222، 4 أكتوبر (تشرين أول) 1926، ص3.
[285] السياسة، ع4133، 16 أكتوبر (تشرين أول) 1936، ص3. وحول موقف الصحافة الليبرالية من مشكلة البغاء، انظر، أنور الجندي، الصحافة والسياسة في مصر، ص601-605.
[286] "قمار في مصر؟!... والإسلام دين الدولة"، افتتاحية (بدون توقيع)، السياسة، ع827، 28 يونيو (حزيران) 1925، ص4.
[287] م.ن، ص3.
[288] "الوطن يناديكم. ساعدوا بلادكم اقتصادياً، شجعوا صناعة مصر وأقبلوا عليها"، دعاية للبيرة المصرية، السياسة الأسبوعية، ع166، 11 مايو (أيار) 1929، ص8.
[289] لنأخد مثلاً مجلة "الأسبوع" وهي مجلة يرأسها أدوار عبده سعد، وهي ذات توجهات وفدية واضحة، إذ أنها تحرص على الدفاع عن وجهات نظر الوفد، وفي صدر كل عدد تنشر حكمة الأسبوع من أقوال زعماء الوفد (سعد، النحاس، مكرم عبيد). ولنر ما هي القضايا التي تشغلها، وما هو مفهوم حرية المرأة الذي تقدمه للقارئ، وما هي الاتجاهات والقيم التي تتبناها؛ مباريات الجمال للنساء، الأسبوع، ع1، 29 نوفمبر (تشرين ثاني) 1933، ص18. وفي زاوية الجنس اللطيف تنويه بجهود أتاتورك لتحرير المرأة التركية، ص19. محمود الشرقاوي (السلفيون أعداء الشباب)، الأسبوع، ع9، 24 يناير 1934، ص5. محمود الشرقاوي (فتياتنا بين الاختلاط والحجاب)، الأسبوع، ع13، 28 فبراير (شباط) 1934، ص8. (الطلبات والطلبة في معاهد العلم)، الأسبوع، ع15، 7 مارس (آذار) 1934، ص1. صور شبه عارية لفتيات وفتيات، ص11. صورة الغلاف لفتاة شبه عارية، الأسبوع، ع16، 14 مارس (آذار) 1934. وفي نفس العدد (الشباب المصريون والثقافة)، ويدعو فيها إلى الانفتاح على كل ما هو جديد. إضافة إلى عدد كبير من المقالات والصور حول نفس المعاني السابقة – هذا مجرد مثال.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تسلل اليبراليه الى العالم الاسلامى لقضاء على الاسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الإخوان والسلفيون نجهز لرفع قضيه ضد نجيب ساويرس لتهكمه على الدين الاسلامى ومطالبه امريكا لاحتلال مصر
» كود الاسلام سؤل وجواب
» سجن عيون الاسلام
» هل فى الاسلام سجون
» الاسلام فى عيون الغرب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عيون الاسلام :: قسم القلوب الحائرة :: حوار و نقاش-
انتقل الى: