تفسير سورة الإخلاص قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
اللَّهُ الصَّمَدُ
لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ
هذه السورة يسميها بعض العلماء: نسبَ
الله -جل وعلا-، وقد جاء في حديث، حسنه بعض العلماء بمجموع طرقه، أن
المشركين قالوا للنبي -صلى الله عليه وسلم-:
انسب لنا ربك
وفي رواية:
صف لنا ربك
فأنزل الله -جل وعلا- هذه السورة.
وهذه السورة تشتمل على توحيد الله -جل
وعلا- في أسمائه وصفاته، ولهذا كان بعض العلماء يشرح قول النبي -صلى الله
عليه وسلم- عن هذه السورة بأنها تعدل ثلث القرآن، يقول: إن القرآن أحكام،
ووعد ووعيد، وتوحيد في الأسماء والصفات، وهذه السورة توحيد في الأسماء
والصفات، إذن فهي ثلث القرآن.
فأمر الله -جل وعلا- نبيه -صلى الله عليه
وسلم- أن يقول لهم:
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
يعني:أن الله -جل وعلا- أحد، لا يشاركه شيء من خلقه لا في ذاته، ولا في
صفاته، ولا في أفعاله، ولا في أسمائه، ولا في أحكامه وتدبيره.
فهو -جل وعلا- واحد لا مثيل له ولا نظير له
-جل وعلا- فهو المتفرد بالألوهية فلا يستحق العبادة سواه، وهو المتفرد
بالربوبية فلا يخلق ولا يبدل إلا هو -جل وعلا-، وهو -جل وعلا- الواحد في
أسمائه وصفاته فلا أحد من خلقه يُشبهه.
كما أنه -جل وعلا- لا يُشبه أحدا من خلقه،
بل هو -جل وعلا- المتفرد بصفات الكمال، ونعوت الجلال والأسماء البالغة غاية
الحسن والجمال.
ثم قال -جل وعلا-:
اللَّهُ الصَّمَدُ
يعني: أنه -جل وعلا- السيد الذي قد كمُل سؤدده، وأنه الصمد الذي تصمد إليه
الخلائق في حاجاتهم؛ لأن شريف القوم وسيدهم يلجأ إليه أهل قبيلته وأهل
عشيرته في حوائجهم، والله -جل وعلا- هو الذي له السؤدد الكامل على خلقه.
فلذلك الخلق أجمعون يصمدون إليه -جل وعلا-
لحوائجهم، وكذلك -جل وعلا- لما كان الخلق يصمدون إليه ويلجئون إليه، وهو
المتفرد بكمال السؤدد، كان -جل وعلا- هو الباقي؛ فخلقه يهلكون، وهو -جل
وعلا- يبقى.
وهذا ما يدور عليه معنى الصمد في تفاسير
العلماء، وكلها حق، ثابتة لله -جل وعلا-، ويزيد بعضهم بأن الصمد هو الذي لا
جوف له، بمعنى أنه لا يحتاج إلى طعام ولا إلى شراب، وهذا -أيضا- حق؛ كما
قال الله -جل وعلا-:
مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ
.
فالله -جل وعلا- لكونه متفردا بصفات الكمال
كان له السؤدد المطلق، وكانت الخلائق تلجأ إليه، وكان -جل وعلا- لا يحتاج
إلى خلقه، بل الخلق هم المحتاجون إليه، والطعام والشراب من خلق الله، فلذلك
لا يحتاج ربنا -جل وعلا- إلى طعام ولا إلى شراب.
ثم قال -جل وعلا-:
لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ
أي: أن الله -جل وعلا- لم يلد أحدا؛ لأنه -جل وعلا- ليست له صاحبة، كما قال
-جل وعلا-:
بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ
تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمٌ
.
وفي هذه الآية رد على المشركين، وعلى
اليهود والنصارى الذين زعموا أن لله ولدا؛ كما قال الله -جل وعلا- إخبارا
عن اليهود والنصارى:
وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى
الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ
.
وقال -جل وعلا- في شأن المشركين:
فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ
أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ
أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ
وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
فهذه الآية رد عليهم؛ لأن الولد يخرج من شيئين متماثلين أو متقاربين، والله
-جل وعلا- لا يماثله شيء، ولا يقاربه شيء، فلهذا لم تكن له صاحبة ولم يكن
له ولد.
ثم أخبر -جل وعلا- أنه:
وَلَمْ يُولَدْ
بل هو -جل وعلا- الخالق للخلائق، والمولود مخلوق، والله -جل وعلا- هو
الخالق فلهذا لم يولد -جل وعلا-.
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ
أي: أن الله -جل وعلا- ليس له نظير، ولا مماثل، ولا شبيه لا في أسمائه، ولا
في صفاته، ولا في أفعاله، ولا في خلقه، ولا في تدبيره، ولا في حكمته، ولا
في مشيئته، ولا في علمه، ولا في ألوهيته ولا ربوبيته، ولا في أي شيء من
صفاته وأسمائه، بل له -جل وعلا- الكمال المطلق كما قال الله -جل وعلا-:
وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ
يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
.
وقال -جل وعلا-:
هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
وهذه السورة تضمنت إثبات الكمال لله -جل وعلا- ونفي النقائص عنه -جل وعلا-.
وهذا هو مدار توحيد الأسماء والصفات؛
فتوحيد الأسماء والصفات أن يُثبت العبد الكمال لله، وأن ينفي النقص عن الله
-جل وعلا-، فقوله -جل وعلا-:
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
اللَّهُ الصَّمَدُ
هذا فيه إثبات الكمال لله.
وقوله -جل وعلا-:
لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ
هذا فيه نفي النقائص والعيوب عن الله -جل وعلا-.
ولهذا أهل السنة مستمسكون بهذه السورة
في باب توحيد الأسماء والصفات، فيثبتون لله -جل وعلا- ما أثبته لنفسه،
أو أثبته له رسوله -صلى الله عليه وسلم- إثباتا يليق بجلاله، وينفون عن
الله ما نفاه عن نفسه أو نفاه عنه رسوله -صلى الله عليه وسلم- على حد هذه
السورة وما يماثلها من الآيات.
فأهل السنة والجماعة يلتزمون هذه السورة،
وغيرها من آيات الصفات، ويثبتون لله -جل وعلا- ما أثبته لنفسه، ويأخذون
بظاهر هذه النصوص.
لأن الأصل في خطاب الله -جل وعلا- لخلقه أن
يخاطبهم بلغتهم، وقد خاطب الله -جل وعلا- العرب بهذا القرآن العظيم،
والأصل في هذه الألفاظ أن يراد بها ظاهرها لا يراد بها معنى آخر، ولا يجوز
لنا أن نصرفها عن معناها الظاهر لغيره إلا بدليل صحيح من كتاب الله، أو سنة
نبيه -صلى الله عليه وسلم-.
فمَن أوّلَ شيئا من صفات الله -جل وعلا-
وقال: إن اليد بمعنى النعمة، أو أن الرحمة يراد بها إرادة الإنعام، أو أن
الغضب يراد به الانتقام، فيقال له: " أأنت أعلم أم الله؟" وهل الله -جل
وعلا- يخاطب عباده بما لا يفقهون؟ أو يخاطبهم -جل وعلا- بما لا يريده منهم؟
ولهذا كان أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعون لهم بإحسان يسمعون
آيات الصفات تتلى عليهم فلا يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن
تأويلها؛ لأن تأويلها هو تلاوتها عليهم، فهم يفقهونها من ظواهرها.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمة الله-
أنه قرأ من التفاسير ما يزيد على مائة من صغير وكبير، وقرأ في كتب
الأحاديث، وما أثر عن السلف في باب الاعتقاد فلم يجد بينهم اختلافا في
تأويل نصوص الصفات؛ من آيات الكتاب، أو أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم-،
بل كلهم متفقون على إثباتها لله -جل وعلا-.
لكن هذه الصفات -كما قال أهل سلف هذه
الأمة-: أمروها على ظاهرها
بمعنى: أننا نعلم ظاهرها ونفهمه من لغة
العرب، وهذا الظاهر لا يُنَزَّل على ما ظهر لنا، ولكن ينزل على الظاهر من
لغة القرآن التي بُعث بها نبينا -صلى الله عليه وسلم-.
فإذا قالوا: يراد بهذه النصوص ظاهرها، إنما
يعنون بذلك ما ظهر منها باللسان العربي المبين الذي أُنزل على النبي -صلى
الله عليه وسلم-، والذي يتبادر إلى فهم السامع أول ما يسمع هذه النصوص
تُتلى عليه.
ثم إن هذه الظواهر نصوص لها معانٍ، ليست
مجردة عن المعاني، كما يسمعه أهل التفويض؛ يفوضون هذه النصوص ويقولون: نثبت
ألفاظا دون معان.
وهذا غلط، بل لها معان، ونبينا -صلى الله
عليه وسلم- بيّن ذلك في سنته لمّا تلا:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا
إلى قوله:
إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا
وضع -صلى الله عليه وسلم- إبهاميه على أذنيه وعلى عينيه، وضع صلى الله عليه
وسلم السبابتين على العينين وعلى الأذنين.
ولمّا ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- قدر
الله -جل وعلا- وطي السماوات بيّن ذلك -صلى الله عليه وسلم- بيده، وأخبر
-صلى الله عليه وسلم- أن الرب -جل وعلا- يتكفأ السماوات يوم القيامة
كالخبزة بيده، وأشار إلى ذلك -صلى الله عليه وسلم- وهذا ليس مراده -صلى
الله عليه وسلم- ذِكر الكيفية، وأن الله -جل وعلا- ليس له مثيل، ولكن يبين
أن هذه لها معان، وأنها تدل على معان.
ولهذا يفهم من هذه الظواهر معانيها
المعروفة في لغة العرب، وهذه المعاني لا تستفاد من اللفظ مجردا، وإنما
تستفاد من النص في سياقه، وتستفاد من القرائن سواء كانت القرائن المنفصلة
أو المتصلة، فيفهم الإنسان أن لهذه النصوص معان، وهذه المعاني معروفة في
لغة العرب.
فإذا قال قائل: إن الله -جل وعلا- أخبرنا
أن له يدا. فيُقال: هذه اليد لا يجوز للعبد أن يقول المراد بها نعمة الله؛
لأن هذا صرف عن اللفظ عن ظاهره بغير دليل، وإنما يراد بها يد حقيقية لله
-جل وعلا- يفهم معناها من لغة العرب، فاليد في لغة العرب معروفة، ولكن هذه
اليد بحسب من أضيفت إليه؛ فإذا قيل: يد الله فالمراد بها يد تليق بجلاله،
ويد الإنسان، الإنسان له يد تليق به، ويد الشاة، الشاة لها يد تماثلها من
جنسها، وإذا قيل: يد البعوضة فلها يد تماثلها.
والعرب تفهم من اليد مثل هذه الأشياء، لكن
القرائن هي التي تقطع بذلك، لكن في حق الله -جل وعلا- نقول: كيفية هذه اليد
مجهولة لنا، لا ندري كيفية يد الله -جل وعلا-؛ لأن الله -جل وعلا- قال:
وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا
فلا أحد من العباد يحيط بالله -جلا وعلا-، ولا يدرك هذه الكيفية، وإنما
نعلم هذه المعاني.
ولهذا كان السلف يثبتون الألفاظ، فلا
يثبتون من الألفاظ إلا ما أثبته الله، أو أثبته رسوله -صلى الله عليه
وسلم-، فإذا أخبرنا الله -جل وعلا- أن له يدا أثبتوا هذه اللفظة، وأن الله
له يد، وإذا أخبرنا -جل وعلا- أن له رحمة أثبتوا هذه الرحمة، وإذا أثبت لنا
-صلى الله عليه وسلم- أن لربنا رِجلا أثبتوا له رِجلا، وإذا أثبت قدما
أثبتوا قدما.
ثم إنهم يعلمون أن هذه القدم لها معنى
معروف هو المتبادر عند الذهن إذا أُطلق، وهو معروف، لكن هذه المعرفة تعرف
بلسان العرب، وبحسب القرائن، وبحسب من أضيف إليه، ثم إنهم يقولون: إن
كيفيتها مجهولة لنا، كما نقل عن كثير منهم: أن الكيف غير معلوم، لكن
الإيمان به واجب، والسؤال عن الكيفية بدعة.
ولعظمة الله -جل وعلا- لا يستطيع العباد أن
يدركوا هذه الكيفيات، ولهذا موسى -عليه السلام- لمّا سأل ربه أن ينظر
إليه. قال ربه:
لَنْ تَرَانِي
والنبي -صلى الله عليه وسلم- لمّا سُئل:
هل رأيت ربك؟ قال: نورُ أنّى أراه
.
لكن في الآخرة يرى العباد ربهم بحسب ما
يعطيهم الله -جل وعلا-، أما في الدنيا فلن يراه أحد حتى يموت.
فهذه الكيفيات تُثبت، ونصوص الصفات تثبت
كما جاءت في كتاب الله -جل وعلا-، لكن أحيانا يرد عن بعض السلف تفسير آية
الصفة بلازمها، فإذا قال الله -جل وعلا-:
تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا
وقال بعض السلف: بمرأى منا، فهذا يعني: أنه فسرها باللازم، ولا يدل على أنه
ينفي صفة العين عن الله -جل وعلا-؛ لأن من لازم العين الرؤية.
وإذا نقل عن بعضهم تفسير اليد بأن الله -جل
وعلا-
بِيَدِهِ الْمُلْكُ
يعني: بقدرته وسلطانه، فهذا لا يعني أنه لا يثبت اليد لله -جلا وعلا- بهذه
الآية، ولكن من لازم اليد القدرة على الشيء.
ولهذا، أو يدل على صحة هذا وهو أن السلف
يثبتون بهذه الآيات نصوص الصفات بمثل قوله -جل وعلا-:
تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ
بِيَدِكَ الْخَيْرُ
يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ
وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ
وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ
تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا
.
وغيرها من الصفات التي ذكرها الله -جل
وعلا- في كتابه، أو رسوله -صلى الله عليه وسلم- مما يدل على أنهم يثبتون
أنهم في كتبهم التي ألفوها في ذكر صفات الله -جل وعلا- يستدلون بهذه
الآيات، ثم إن هذه الآيات لو سأل سائل فقيل: هل يجوز لنا إذا قال قائل:
تبارك الذي بيده الملك، أن نقول: ليس بيده الملك؟ هذا لا يحل لأحد أن ينفي
هذا مطلقا، وإذا قال الله -جل وعلا-:
وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ
فهل يجوز لأحد أن يقول في مثل هذه الآية لا يبقى وجه الله؛ لأن ليس المراد
الوجه؟
هذا لا يقوله أحد مطلقا، فدل ذلك على أن
الشيء إذا لم يجز أن يُنفي فإنه حقيقة. الشيء الذي لا يجوز نفيه يدل على
أنه حقيقة وليس بمجاز، ولهذا لا يجوز في مثل هذه الآيات أن ننفيها. لا يجوز
لنا إذا أخبرنا الله -جل وعلا- أن له رحمة أن ننفي عن الله -جل وعلا-
الرحمة، وإذا لم يجز أن ننفي مثل هذه الأشياء دل ذلك على أنها حقيقة، ولكن
مثل هذه الآيات:
بِيَدِهِ الْمُلْكُ
يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ
هذه نفسر، أو نُثبت بها الصفة التي وردت فيها.
ولهذا السلف يستدلون بها على إثبات آيات
الصفات، ولكن المعنى العام للآية يكون أوسع أحيانا؛ لأن لوازم الصفة
-أحيانا- يستدل بها؛ فاليد -مثلا- هي يد لله -جل وعلا-، ونثبت لله -جل
وعلا- بالآيات بأن له يدا، فإذا قال:
بِيَدِكَ الْخَيْرُ
فنثبت أن لله -جل وعلا- يدا، ومِن لازم هذه اليد أنها تفعل الخير.
ثم إن في لغة العرب أن مثل هذه الآيات:
بِيَدِكَ الْخَيْرُ
بِيَدِهِ الْمُلْكُ
بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ
هذه لا يجوز إضافتها إلا لمن كانت هذه الأشياء تضاف إليه حقيقة، وأما إذا
لم تضف إليه حقيقة فلا بد من وجود القرينة الدالة، أو الدليل الدال على
أنها لا تراد حقيقة في حق هذا الذي أضيفت له مثل هذه الصفات.
فالشاهد لمثل هذه الصفات، أو الآيات التي
وردت فيها الصفات مذهب السلف الصالح أنهم يثبتون الصفات الواردة فيها،
ويستدلون بها على إثبات الصفات، وأما ما جاء عن بعض السلف من تفسير بعض
آيات الصفات باللازم، فهذا لا ينفي أنهم يثبتون هذه الصفات لله -جل وعلا-،
وما نقل عن بعض السلف من نفي بعض الصفات فهو إما بوجود الدليل الدال الصريح
من الكتاب والسنة على أن هذا غير مراد، أو لأن الخبر بها لم يثبت إذا كان
حديثا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو يكون النقل عن ذلك الإمام لم يثبت
إليه.
وقوله -جل وعلا-، فدلت هذه السورة -سورة
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
- على أن الله -جل وعلا- يجب أن يُثبت له الكمال المطلق، وأن ينفى عنه جميع
ما فيه عيب أو نقص. نعم.
عجائب سورة الإخلاص
كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم جالساً مع أصحابه ذات يومٍ فسألهم:
أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ فتعجبوا من ذلك السؤال الصعب،
فكيف يمكن قراءة ثلث القرآن في ليلة واحدة؟ ولكن الرسول الكريم صلى الله
عليه واله وسلم الذي وصفه الله بأنه رؤوف رحيم بالمؤمنين، أخبرهم بسورة
تساوي ثلث القرآن فقال لهم: (قُلَ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ
القُرْآن)[رواه البخاري].
فما هي أسرار تلك السورة العظيمة، وهل يمكن للغة الأرقام أن تكشف لنا معجزة
جديدة تثبت عَظَمة هذه السورة؟ لنبدأ هذه الرحلة الممتعة في سورة الإخلاص
لنشاهد سلسلة من التوافقات العجيبة مع الرقم سبعة عسى أن نزدادَ إيماناً
بخالق السماوات السبع عَزَّ وجَلَّ.
عدد كلمات كل آية
ليس هذا فحسب، بل إن كل آية من هذه الآيات الأربع تحوي عدداً محدداً من
الكلمات كما يلي: الآية الأولى 4 كلمات، الآية الثانية عدد كلماتها 2،
الآية الثالثة عدد كلماتها 5، الآية الرابعة عدد كلماتها 6:
(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ):عدد كلماتها 4
(اللَّهُ الصَّمَدُ):عدد كلماتها 2
(لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ):عدد كلماتها 5
(وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ):عدد كلماتها 6
نكتب هذه الأرقام حسب تسلسلها:
الآية 1 الآية 2 الآية 3 الآية 4
4 2 5 6
إذن عدد كلمات كل آية هو: 4ـ2ـ5ـ6 بصفّ هذه الأرقام نجد عدداً هو 6524 من
مضاعفات السبعة:
6524 = 7 × 932
حروف (الله) في كل آية
كما رتَّب البارئ عَزَّ وجَلَّ كل شيء في هذا القرآن بإحكام، نجد ترتيباً
مذهلاً لاسمه الأعظم (الله) في سورة الإخلاص التي تتحدث عن الله ووحدانيته
وأنه لا شريك له. كل آية تحوي عدداً محدداً من أحرف لفظ الجلالة (الله)، أي
الألف واللام والهاء، لنكتب الآيات الأربعة وعدد حروف اسم (الله) في كل
منها:
(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ):عدد أحرف الألف واللام والهاء 7
(اللَّهُ الصَّمَدُ):عدد أحرف الألف واللام والهاء 6
(لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ):عدد أحرف الألف واللام والهاء 4
(وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ):عدد أحرف الألف واللام والهاء 5
نرتب الأرقام الخاصة بتكرار حروف لفظ الجلالة:
الآية 1 الآية 2 الآية 3 الآية 4
7 6 4 5
إذن نحن أمام عدد محدد من أحرف لفظ الجلالة في كل آية كما يلي: 7ـ6ـ4ـ5 عند
صفّ هذه الأرقام نجد عدداً جديداً هو 5467 وهذا العدد من مضاعفات الرقم
سبعة:
5467 = 7 × 781
كلمات وأحرف لفظ الجلالة
حتى عندما ندمج كلمات كل آية مع ما تحويه هذه الآية من حروف (الله) يبقى
النظام قائماً:
الآية 1الآية 2الآية 3الآية 4
كلماتها ا ل هـ كلماتها ا ل هـ كلماتها ا ل هـ كلماتها ا ل هـ
4 72 65 46 5
إن العدد الذي يمثل توزع كلمات وأحرف لفظ الجلالة عبر آيات السورة هو:
56456274 من مضاعفات الرقم سبعة:
74 62 45 56 = 7 × 8065182
وتأمل معي هذه المعادلات الإلهية كيف جاءت متناسبة جميعها مع الرقم سبعة.
1_ عدد كلمات كل آية هو:4 2 5 6 من مضاعفات السبعة.
2ـ عدد حروف (الله) في كل آية هو: 7 6 4 5 من مضاعفات السبعة.
3ـ عدد كلمات وحروف (الله) في كل آية: 74 62 45 56 من مضاعفات السبعة.
وهنا نتساءل كيف انضبطت هذه الأرقام بهذا الشكل. فعدد كلمات كل آية جاء
بنظام من مضاعفات الرقم 7، وعدد حروف (الله) في كل آية جاء بنظام من
مضاعفات الرقم 7 أيضاً وعندما دمجنا هذه الأرقام بقي العدد النهائي من
مضاعفات الرقم 7: هل هذا العمل في متناول البشر؟
الكلمات التي تحوي حروف اسم (الله)
إن كلمات السورة منها ما يحوي حروفاً من اسم (الله)، ومنها ما لا يحوي هذه
الأحرف الخاصة بلفظ الجلالة. ولو أحصينا الكلمات التي فيها الألف واللام
والهاء نجد عددها 14 كلمة أي 7 ×2، تتوزع هذه الكلمات على الآيات كما يلي:
(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ):عدد الكلمات التي تحوي حروف ا ل هـ هو 4
(اللَّهُ الصَّمَدُ):عدد الكلمات التي تحوي حروف ا ل هـ 2
(لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ):عدد الكلمات التي تحوي حروف ا ل هـ 4
(وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ):عدد الكلمات التي تحوي حروف ا ل هـ 4
نكتب من جديد هذه الأرقام على تسلسلها:
الآية 1 الآية 2 الآية 3 الآية 4
4 2 4 4
إن العدد الذي يمثل توزع كلمات لفظ الجلالة هو 4424 من مضاعفات الرقم سبعة:
4424 = 7 × 632
وكنتيجة نجد أن الكلمات التي لا تحوي شيئاً من أحرف لفظ الجلالة جاءت منظمة
على الرقم سبعة أيضاً:
الآية 1 الآية 2 الآية 3 الآية 4
0 0 1 2
لدينا هنا العدد 2100 من مضاعفات الرقم سبعة:
2100 = 7 × 300
لنتأمل الآية الثالثة من سورة الإخلاص: (لم يلد ولم يولد)، وهذا التناسق
العجيب.
تناسق مذهل مع البسملة
في هذه الآية العظيمة معجزة تقوم على حروف كلمات: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ
الرَّحِيمِ) , فكل كلمة من كلمات البسملة تتوزع حروفها على كلمات: (لم يلد
ولم يولد) بنظام مُحكَم.
كلمة (بسم)
إن الحرف المشترك بين هذه الكلمة وبين الآية هو حرف الميم، فلو أخرجنا من
كل كلمة ما تحويه من حرف الميم نجد:
لمَ ْ يَلِدْ و لمَ ْيُولَدْ
1 0 0 1 0
العدد الذي يمثل توزع حروف (بسم) هو 1001 من مضاعفات الرقم سبعة:
01001= 7 × 11 × 0143
كلمة (الله)
إن الحرف المشترك بين اسم (الله) وبين (لم يلد ولم يولد) هو حرف اللام،
لنخرج ما تحويه كل كلمة من حرف اللام:
لمَ ْ يَلِدْ و لمَ ْيُولَدْ
1 1 0 1 1
والعدد 11011 يمثل توزع حروف اسم (الله) من مضاعفات الرقم سبعة:
11011 = 7 × 1573
كلمة (الرَّحْمنِ)
إن الحروف المشتركة بين كلمة (الرَّحْمنِ) وبين قوله تعالى: (لم يلد ولم
يولد) هي اللام والميم، لندرس توزع هذين الحرفين:
لمَ ْيَلِدْ و لمَ ْيُولَدْ
2 1 0 2 1
إن العدد الذي يمثل توزع حروف اسم (الرَّحْمنِ) هو 12012 من مضاعفات الرقم
سبعة:
12012 = 7 × 1716
كلمة (الرَّحِيمِ)
إن الحروف المشتركة بين هذا الاسم وبين (لم يلد ولم يولد) هي اللام و الياء
والميم , لندرس توزع حروف اللام والياء والميم:
لمَ ْ يَلِدْ و لمَ ْيُولَدْ
2 2 0 2 2
والعدد الذي يمثل توزع حروف اسم (الرَّحِيمِ) هو 22022 من مضاعفات الرقم
سبعة:
22022 = 7 × 3146
وهنا نتساءل: هل يمكن لمصادفة أن تتكرر أربع مرات في أربع كلمات متتالية
وتأتي جميع الأعداد منضبطة مع الرقم سبعة؟؟؟
نكتب نواتج القسمة الأربعة من جديد:
1 ـ كلمة (بسم): 0143
2 ـ كلمة (الله): 1573
3 ـ كلمة (الرَّحْمنِ): 1716
4 ـ كلمة (الرَّحِيمِ): 3146
ولكي لا يظن أحد أن للمصادفة أي دور هنا، نكتب البسملة وتحت كل كلمة من
كلماتها الرقم الناتج من توزع حروفها على آية: (لمَ ْيَلِدْ ولمَ
ْيُولَدْ)، نكتب هذه النواتج على تسلسلها :