لماذا ندفع الضرائب فى مصر

لماذا ندفع الضرائب؟ هناك عدة إجابات:
1- شاريين البلد بالقسط.
2- مرتضي منصور ماسك علي الشعب سيديهات.
3- لعبنا سيف علي الهدوم.
المؤكد أننا ندفع الضرائب لدواع تختلف تماماً عن دواعي الناس في كل دول العالم، إذ يدفع مخاليق الله الضرائب لسببين لا ثالث لهما: التمثيل الديمقراطي، والخدمات. السبب الأول يخص الشعوب البطالة، وليست الشعوب بنات العائلات مثلنا. ييجي واحد من بتوع الرأسمالية هي الحل ويقول: الضرائب تذهب بالأساس إلي حفظ الأمن الداخلي والخارجي. ماشي يا عم.
أتذكر فيديو لفتاة كانت تمسك بشومة في الشارع أمام شاب كان يتشاجر معها إثر اصطدام سيارته بسيارتها. وقتها لم يتوقف عدد من المدونين وصحفيين في ذيلهم عن فضح الفتاة، ليه وليه بقي فتاة تمسك بشومة وتسب وتلعن. طيب، أنا لا أمسك شومة، ولا أتشاجر - أنا بق كده بس - ولا أرتدي تنورة قصيرة كالتي كانت ترتديها الفتاة - وهي حرة تلبس ما تشاء وليس لأحد حق أن يشهر بها - وحدث أن صدم سائق تاكسي سيارتي منذ أيام. فما كان من السائق إلا أن فتح زوره وأوشك أن يتهجم علي - وهو أسلوب متبع في الشارع المصري، حين تكون مخطئا ترفع صوتك - أنا ربكوا والحق اترعبت. وهرعت إلي داخل سيارتي، لا أنا جامدة جامدة يعني، بالطبع تجمع الناس: بعض نساء كانوا يشيرون إلي بأن أهرب، وأنا أليطة، لماذا أهرب؟ لست مخطئة، ظللت جالسة صامتة في السيارة، وغالبية من الرجال، كانوا يبتسمون لي ويغمزون بأعينهم، ولو اتسع الوقت لكتبوا أرقام هواتفهم علي البرابريز، إلا شاب واحد ظل يردد بصوت عال: «يا جماعة الشرطة واقفة علي الرصيف التاني أهي». حتي جاء نطع وقرر أن يقوم بدور القاضي - الذي لا تصلح له المرأة - وقال بحكمة: «هو سواق، أنت ملاكي، ادفعي له اللي فيه النصيب زكاة عن سكتك». والشاب إياه يردد في الخلفية: هي الشرطة واقفة بتتفرج ليه؟ ولأول مرة يخرج صوتي: «اللي أعرفه أن اللي ورا هو اللي غلطان، بس هو صوته عالي، وراجل، لكن أنا واحدة ست وأكيد أنا الغلطانة، انتوا رجالة محترمين انتوا؟» فنظروا إلي جميعهم نظرة اذبهلال والابتسامة ما زالت علي وجوههم. لم يكن في حقيبتي سوي 27.5 جنيه. (والنص كان ربعين). فأفرغت حقيبتي أمامهم ومددت يدي بكل ما في الحقيبة وأنا أقول له: خدهم كلهم، ما أنت راجل. فأجاب بثقة: لا... أنا سواق. والصوت في الخلفية: ما الشرطة واقفة أهي.. ولم أسمع صوتا من وسط الجموع المبتسمة الغامزة إلا صوت بياعة: إنت عايز تمد إيدك علي حرمة؟
لم أرو هذه القصة، لا لأمي حتي لا أرفع ضغطها، ولا لأصدقائي لأنني محرجة من إخبارهم بأن سيارتي صدمت، وأخذ كل ما في حقيبتي. ذهبت، وكان آخر صوت سمعته لنفس ذات الشاب: أنا مش عارف هي الشرطة مالها؟
لمن أدفع الضرائب؟ للشرطة التي ترفعت عن الصغائر، أم للشباب الذي وقف يغمز، أم للسائق الذي قلبني، أم للنطع المستمتع بكرسي القضاء؟
حد يقول لي بقي الشومات بتتباع فين.