إدمان أحلام اليقظة..

زائر

السلام عليكم..
مشكلتي هذه في أمر خطير جدا في حياتي، في الحقيقة أنا أرى أنها معقدة ولكن حلها سهل إن شاء الله إن وفقني الله ووجدت الطريقة الصحيحة للعلاج.
أنا أرى نفسي متأزما نفسيا من عدة اتجاهات، فأنا مدمن لأحلام اليقظة بصورة مرضية، وأتذكر أني كنت أمارس عادة أحلام اليقظة هذه من الطفولة، فعندما لا أستطيع الحصول على شيء أحصل عليه في أحلامي، فمثلا عندما أعجب بفتاة أحلم أني تعرفت عليها وأعيش معها قصة في خيالي.
الآن أحلم دائما أني أقوم بأعمال بطولية وأنقذ الأشخاص من مشاكل وأحارب عصابات وأحارب أسودا.. أرجو ألا تضحكوا عليّ.. أنا أعرف هذا الأمر سفه في حد ذاته، ولكنه ناتج من حالات فشل مررت بها منها قصة حب فاشلة، تلا هذه القصة ألم نفسي من القصة نفسها، بالإضافة لألم نفسي عميق من الإحساس بالذنب، حيث إني أحسب من الملتزمين الذين يرون أن العلاقة بين الشاب والفتاة محرمة إلا في الحدود المباحة.
بداية القصة كانت قصة الحب الفاشلة، بعد هذه القصة تغيرت نظرتي للحياة، بدأت أعيد التفكير في كل شيء وكأني أكتشف الحياة من جديد، كان هذا هو أسوأ شيء.. التغيير كان سلبيا إلى حد كبير، رأيت الدنيا بعين قاتمة وبدا وجهي مكتئبا دائما، بالطبع تأثر مستواي الدراسي ثم العملي فقد تزعزعت ثقتي في نفسي كثيرا، فقد كان الحب من طرف واحد إلى جانب جرح كبير في رجولتي؛ لأن هذه البنت أذلتني بعدما تيقنت أني مولع بها، وهذا ما سبب ضعفا شديدا في ثقتي في شخصيتي وقدراتي، رغم أنها هي من أبدت إعجابها بي وأيضا كان هناك فارق اجتماعي ومادي وفرق في المظهر لصالحي فقد كنت أفضل منها في هذا كله.. ولكنه الذل الذي يلحق بمن تخلى عن مبادئه وسعى وراء أهوائه.
قصة الحب هذه استمرت حوالي ستة أو سبعة أشهر وانتهت تماما من خمس سنوات، الآن أستطيع أن أقول إنه لا يوجد في قلبي ذرة تعلق بهذه البنت، إحساسي تجاهها متعادل، فقد مررت بمراحل كثيرة فقد كرهتها وكرهت اسمها ثم أحببتها واشتقت إليها ثم نسيتها تماما وتهت في الحياة.. نعم تهت في الحياة.
بعد هذه الحادثة اتجهت إلى المواقع الإباحية وعكفت عليها طوال خمس سنوات، بل من قبلها، ولكن إقبالي وشراهتي زادا بعد هذه الحادثة مباشرة، ثم بدأت تقل بالتدريج، كنت أحس بتأنيب ضمير واضطرابات نفسية في كل مرة أدخل عليها، ويئست من أن أقلع عن هذا الذنب، كنت أقلع عنه فترة ثم أعود، الآن والحمد لله عافاني الله منه ولم أعد أدخل على هذه المواقع منذ فترة، هذه أول مرة أنقطع عنها كل هذه الفترة الطويلة.
في السنوات الخمس الماضية عشت فيها صراعا من أجل النهوض بلا جدوى بل كان التدهور أكثر، فلم أكن أحرز أي تقدم عملي، ساءت أخلاقي وأصبح عزمي ضعيفا جدا بل منعدما، حققت في عملي بعض الإنجازات فأنا الحمد لله أتمتع بقدر جيد من الذكاء والتركيز والقدرة على التحليل، ولكن هذه الإنجازات كانت قليلة وسرعان ما كنت أعود إلى الغفلة والكسل والخمول والعجز بعدها، أنا أعمل مطور برمجيات (مبرمج)، وأيضا كانت تواجهني مشكلة الفرح بالإنجاز فبدلا من أن تزيد من ثقتي وتدفعني للأمام فإني أفرح بالإنجاز وأعجب به وأظن أني "وصلت" وبالتالي لا أبذل مزيدا من الجهد للاستمرار في مزيد من الإنجازات.
نرجع لأحلام اليقظة فكنت دائما أعيش في أحلام اليقظة، أحقق أهدافي التي أنا عاجز عن تحقيقها في أحلامي فقط، إذا كنت مستغرقا في حلم ثم قطعه شيء، كشخص يناديني مثلا، ثم أعود إلى نفسي بعد ذلك أتذكر أني كنت أفكر في أمر أنا أحبه كأني أفكر في قضاء إجازة أو أتذكر ذكرى سعيدة تدخل علي السرور، وعندما أسترجع ذاكرتي أكتشف أني كنت في حلم من أحلام اليقظة فأعود سريعا لأستكمل ذلك الحلم الذي أشعر بالسعادة وأنا أعيش بداخله، أي أني كنت أستمتع جدا بالاستغراق في هذه الأحلام.
سأعطيكم مثلا يوضح إلى أي مدى تدهورت حالتي: قرأت خبرا قريبا عن بنت صغيرة مصابة بمرض "الذئبة السوداء"، حيث ينمو الشعر بكثافة في وجهها، بعدما قرأت الخبر، استغرقت في حلم يقظة عملي، أي أني كنت أعيش فيه بجوارحي مع خيالي فحلمت ونفذت الحلم أيضا، حلمت أني أكلمها بطريقة طبيعية كدعم نفسي لها وأني ألعب معها وأعاملها كأي طفلة حتى لا تشعر بمشكلة نفسية... أريد أن أقول إن أحلام اليقظة تطورت معي من مجرد خيال إلى تنفيذ عملي بالحركات والكلام والمشاعر من حزن وفرح، أخشى أن تتطور وأصاب بانفصام في الشخصية.
أمر آخر يؤرقني كثيرا وهي الوسواس القهري في أمر العقيدة، حيث إنني أجد صوتا ساخرا بداخلي من المعتقدات الغيبية تحديدا، فعندما أقرأ مثلا في حديث قاتل المائة نفس: "... فجاءهم ملك على هيئة رجل...".. أجد صوتا ساخرا داخلي يقول: هل تصدق هذا؟ هل هذا معقول؟ هل تعتقد أن هناك ملك وجن وهذا الكلام؟!!!
هذا الصوت وهذه الروح هي روح الملحدين العرب تحديدا، لا أعلم كيف أتخلص من هذا الصوت وهذا الوسواس، فهو كفيل بتدميري حيث إني دائما عندما يتدهور مستواي الديني يتدهور حتما مستواي الدنيوي من عمل وعلاقات اجتماعية، إلى جانب وساوس أخرى تسبب لي الألم والتشتيت كتكرار كلمة أو أغنية في رأسي باستمرار ولا أستطيع مقاومتها، بالإضافة إلى أفكار سوداوية أن الأمور ستنتهي حتما على أمر مؤسف وغير جيد.
أعرف أن هذه الوساوس لم تأتني إلا عندما استسلمت لليأس والإحباط والعجز وسلمت أنه لا فائدة مني وسأظل هكذا طول حياتي عاجزا عن الانتصار على نفسي، وأيضا حين لهثت وراء شهوتي واتبعت هواي.
منذ عدة شهور انتقلت للعمل بإحدى دول الخليج، هنا قابلت تحديات كثيرة في العمل وفي التعامل مع الزملاء في الشركة الجديدة، فقد كنت في مصر أموت بالبطيء من كثرة السلبيات التي أراها يوميا ومن الإعلام الذي يضخم هذه السلبيات ومن الفساد ومن اللامبالاة التي يتسم بها الكثير من المصريين، رغم أني دائما أقول أني قابلت في مصر رجالا بمعنى الكلمة.
التحديات التي قابلتها في العمل الجديد وفي البلد الجديد جعلتني أتحرك رغما عني وأتخلص من بعض السلبيات التي كانت بي.. منها عدم اهتمامي بالعمل والإنجاز، فأصبحت في البداية اهتم بإنجاز العمل رغما عني وكنت أستغل الوقت رغما عني، ولكن الآن أفعل ذلك وأنا مستمتع جدا أني انتصرت على نفسي في هذه النقطة وأخيرا أصبحت شهيتي مفتوحة للعمل والقراءة والإنجاز والترقي والمنافسة، ولكن ركودي الطويل ما زال له تأثير قوي علي، أيضا منذ أن أقلعت عن المواقع الإباحية والتي كانت السبب الأساسي لاحتقاري لنفسي، فكنت أرى أن أي شخص مسلم في العالم أفضل مني بكثير.. بعد أن أقلعت عنها الحمد لله أصبحت الرؤيا تتضح لي شيئا فشيئا وبدأت أحاسيسي تعمل من جديد.
عدت لممارسة الرياضة كما كنت وساعدني هذا كثيرا في استرجاع ثقتي بنفسي واستعادة بعض النشاط والحيوية والتخلص من الكسل فقد رزقني الله جسما رياضيا من الطراز الأول وعزما جسديا قويا والحمد لله ولكن مستواي الجسدي ليس كما كان من قبل.
الآن الحمد لله أحس بتحسن جيد ولكن ما زلت أعاني من أمراض كثيرة مثل أحلام اليقظة والوساوس إلى جانب ضعف نسبي في إرادتي وعزيمتي، فلم أسترجع إلا جزءا صغيرا منها، فقد كانت إرادتي قوية بفضل الله قبل تجربة الحب الفاشلة التي مررت بها ثم التدهور الذي تلاها.
أخبرني مرة صديق لي على علم بالأمور النفسية أني شخصية perfectionist، ولكن بصورة سلبية فأنا أضع أهدافا كبيرة لا تتماشى مع قدراتي وبالتالي أفشل وهذا الفشل يؤدي للإحباط، قرأت في الشخصية الكمالية وساعدني ذلك كثيرا في إكساب أعمالي صفة الاستمرارية وزادت ثقتي بنفسي والحمد لله.
أريد من سيادتكم النصح في كيفية التخلص من أحلام اليقظة؟ وكيف أسترجع ثقتي في نفسي؟ وكيف أتخلص من الوساوس؟ وكيف أسترجع عزمي وإرادتي كما كنت؟
آسف للإطالة ولكني أطمع في سعة صدركم