اعترف الشيخ محمد حسان الداعية الإسلامى بأن المجتمع بأكلمه تعامل مع الشباب باستعلاء، لكن الآن ليس وقت محاسبة، مؤكداً أن نار الفتنة إذا استعلت أكلت الأخضر واليابس والأغنياء قبل الفقراء، مشيراً لوجوده بين الشباب المتظاهرين فى ميدان التحرير منذ يوم السبت الماضى للترشيد والتوعية، لأنهم طاقة جبارة ويحتاجون للعلماء والمثقفين والأدباء، متسائلاً أين ذهبوا جميعاً؟
وأضاف الشيخ حسان فى حواره المطول مع برنامج 48 ساعة بقناة المحور أمس، الخميس، أن العلماء كانوا ينظرون لشباب الإنترنت بأنهم شباب منفلت ومنحل، وأنه قال للشباب بميدان التحرير "نعم هبت رياح التغيير"، مشدداً على أن الخطوة العملية الأولى الآن هى فض الاشتباك بين مؤيدى ومناهضى الرئيس مبارك، وأنه من حق من يريد أن يقول "نعم" يقول ومن حق من يقول "لا" أيضاً، متسائلاً من أدخل الأسلحة وأسفك الدماء ووصفهم هؤلاء بـ"الخونة" الذين يسيئون للنظام.
وعبر عن أسفه، لأن الدم صار أرخص من التراب، نافياً أن تكون دعوته للتهدئة وضبط النفس وراءها توجه سياسى معين، مستشهداً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال: "لا يزال المؤمن فى فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً"، أى مهما ارتكب المؤمن من أخطاء فهو أمر طبيعى، لأن البشر خطأون، لكن ارتكاب جريمة القتل فهو أمر ليس بحميد، مشدداً أن حرمة الدماء عظيمة وأن قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا، سواء كان المقتول مسلماً أو ذمياً أو غير ذلك.
واستطرد قائلاً: "والله قد بكيت من دماء أولادنا التى تسفك على يد السفاحين، وأقول لأبنائنا انظروا من الذين يقتل ومن الذى يُقتل، فأقول لهم أنهم أبناؤنا، وأطالب بالتضحية بالأنفس والكراسى فالوطن هو ملك لأولادنا، وقدر حذرت من أحداث الجمعة الماضية وما تحركت إلا لحقن الدماء، وكما يقول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، إن أول ما يقضى فيه الله يوم القيامة الدماء، وخاطب الشباب، قائلاً: "أنسيت أن الله يسمعك ويراك، هل تريد أن ترجع ويدك ملوثه بالدماء".
أكد الداعية الإسلامى أنه سمع من المسئولين أمس الخميس وأول أمس كلاماً متعقلاً، محذراً فى الوقت ذاته من بوادر حرب أهلية بذرت بذور فتنتها الأربعاء الماضى وتنمو اليوم الجمعة.
كما حذر من الاقتراب من قصر الرئاسة فى مصر الجديدة، مضيفاً: لا تعمل من أجل منصب أو كرسى بل من أجل ديننا لقد سمى الرئيس الشباب بالشرفاء فلا تلوثوا ما قمتم به "لا للتخريب لا للتحريق"، وطالب المسئولين بإبعاد مؤيدى الرئيس عن ميدان التحرير حتى لا ينشأ الاحتكاك لأن الشباب يدافعون عن قضية شريفة.
ورفض الشيخ إطلاق الشعارات التى لا تلتزم بمبادئ الدين الإسلامى وتسئ للآخرين، طالب الجيش بالتدخل إذا حدث اشتباك لا قدر الله لحماية المصريين، فالجيش كان وما زال وسيظل درعاً حامياً وأميناً لهذا البلد، ويجب أن يقف على الحياد مادام التعبير سلمياً ومتحضراً.
وقال: "أضحى بدمى وروحى ونفسى لله من أجل هذا الوطن فلست طالباً لكرسى أو لمنصب ولن أذهب لأبيع دينى بدنيا حقيرة زائلة، ناصحاً الشباب بعدم التوجه لمقر القصر الرئاسى وأنه يجب ألا تتحرك المظاهرات المؤيدة للرئيس مبارك إلى ميدان التحرير حتى لا يحدث ما لا تحمد عقباه.
وطالب المسئولين بالتواضع وعدم التعامل مع الناس بنظرة فوقية والنزول من أبراجهم العاجية.
وقال إنه عند صدور قرار النائب العام المستشار عبد المجيد محمود بمنع المهندس أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطنى الديمقراطى ورئيس لجنة الخطة والمواظنة بمجلس الشعب، تذكر عندما انهارت دولة البرمك وسجن خالد بن برمك وابنه فى سجن عبارة عن غرفة واحدة فقط، حيث قال الولد لابيه أبعد العز والنعيم إلى هذه الدنيا، واستنكر الشيخ حسان أن من منعوا من السفر وجمدت أرصدتهم وضعوا الكثيرين من المظلومين على قوائم الممنوعين من الحياة.
ولفت إلى أن هناك كلمة تنال بها رضا الله وأخرى تنال بها سخطه وغضبه وعلى الإنسان الاختيار أى الكلمتين يريد.
وأكد أنه يحرم على كل مسلم سرقة بنكاً أو بيتاً وعلى من سرق شيئاً أن يرده، وعلى كل مسجون هرب مع من هرب بسبب التقصير الأمنى أن يعود ويسلم نفسه ويكون بطلاً ويرضى الله لأن السجن تهذيب وإصلاح وليس عقاب كما يظن البعض، وقال: "تذكر أيها السجين أنك ستعرض على الله فعد إلى مكانك فى سجنك وستكون بطلاً"، وطالب المسئولين بالرأفة مع من يسلم نفسه، مضيفاً إذا كانت الرحمة بالكلاب تغفر الخطايا للبغايا فما بالكم بأبناء الوطن.
واعتبر حسان أن أى زيادة فى الأسعار استغلالاً لما يعانيه الشعب المصرى من قلق بسبب حظر التجوال لعدة ساعات بأنه ربح حرام، مطالباً رجال الأعمال بالتحرك باموالهم ودعا المواطنين وأصحاب المخابز بإهداء الطعام لجيرانهم وأقاربهم حتى يسود المجتمع الخير والسلام، مؤكداً أن العلانية فى الخير الآن قد تكون أفضل من السر لحث باقى المسلمين على معاونة إخوانهم وجميع المصريين، مؤكداً أن الشعب المصرى متدين ويحب الله بطبيعته.
وشدد على أن ما تعانى منه مصر الآن هو من تدبير الملك، وقال أن الرسول ذكر أنه "سيأتى على الناس زمان سنوات تفسد فيها الأخلاق، أخلاق الناس: يكذب الصادق، يخون الأمين، يؤتمن الخائن، يصدق الكاذب".
وحذر ممن يريدون أن يتسلقوا على أكتاف الشباب ووجه لهم كلمة "ألا تستحى الواحد منهم من نفسه ومن الله".
ورداً على إمكانية أن يخطب اليوم الجمعة فى الشباب بميدان التحرير، قال إن هذا شرف له لكنه كيف يخطب فى الشباب وبيننا شيخ الأزهر، متسائلاً أين هو الآن، مؤكداً ان هذا الوقت يحتاج لكمة هادئة، مسترجعاً ذاكرته أسبوعين حيث قال أنه خطب الجمعة فى مدينة الشيخ زويد بسيناء وكانت عن الأمن وهى نفس المدينة التى تعانى منذ بدء المظاهرات من الأمن بعد ان قتل أحد أبنائها على يد الشرطة.