عيون الاسلام Admin
عدد المساهمات : 216 تاريخ التسجيل : 09/03/2010
| موضوع: في دائرة الضوء.. هناك من يقهر الظلام الثلاثاء أبريل 20, 2010 8:19 pm | |
| | | |
د.
لا يحتاج الأستاذ إبراهيم حجازي إلي إشادة جديدة تؤكد ما يحظي به من تقدير ومكانة وسط الساحة الصحفية والإعلامية المصرية, فتاريخه المهني يشهد له بذلك عند خصومه قبل مؤيديه, ولكن النجاح الكبير الذي حققه برنامجه في دائرة الضوء علي قناة النيل سبورت يفرض أن يتوقف عنده الكثيرون ممن يتابعون مجريات الأحداث المعاصرة في مصر, لأنه نجاح يتعدي النطاق الشخص ليتصل بالشأن العام مؤكدا أنه إذا كانت لدي البعض نزعة سوداوية لا تري في المشهد المصري إلا نقاطا للظلام هنا وهناك, فإن لدي القاعدة العريضة من الناس نزعة خيرة وصالحة تتحلي بقيم البناء والعمران, وتمتلك القدرة علي أن تقهر الظلام. استطاع حجازي بأدائه التلقائي أمام الكاميرا وصدق أحاسيسه وقوة الحجج التي يطرحها في كل قضية من القضايا التي يتناولها برنامجه المهم, أن يخطف عقول ومشاعر الملايين من المشاهدين, ليس في مصر وحدها بل في المنطقة العربية كلها, وكذلك بالنسبة لمن يتابعون البرنامج بشغف في البلدان الأجنبية.. واستطاع بذكاء أن ينطلق من الطبيعة الجماهيرية للبرنامج بحكم أنه برنامج رياضي ـ وللرياضة جاذبيتها المعروفة لدي كل الناس, إلي التفاعل مع قضايا أخري هي من صميم اهتمامات الرأي العام. ومن الواضح أن نقطة الالتقاء التي تجمع بين ما هو رياضي وما هو غير ذلك ولكنه يهم الناس أيضا, هي تركيز البرنامج علي الإنسان أو المواطن الصالح الذي يمتلك القدرات علي العطاء والتفوق ولكنه لا يجد الفرصة ولا من يقف إلي جانبه, بالإضافة إلي إيمان حجازي وفريقه من العاملين معه في البرنامج وفي مقدمتهم زميلنا العزيز ماهر مقلد بأن هناك الملايين من البشر ممن يستحقون أن يكونوا في دائرة الضوء, يعملون بلا كلل علي أن يصنعوا المجد لذواتهم وبلدهم بقدراتهم الذاتية ولا يتأثرون بكل ما يجري حولهم من عقبات مهما تكن صعوبتها. كتلة البناء والعطاء والخير البشرية التي يبحث عنها حجازي منذ زمن بعيد وحتي الآن ويهتم بأن يجعلها مادته الإعلامية, هي في الحقيقة القاعدة العريضة الوطنية في هذا البلد التي لاتزال تحفظ له استقراره وتقدمه وتقاوم كل صور الهدم والفوضي والتخريب التي ينشغل بها إعلاميون آخرون في هذا الزمان, ولم يتوقف حجازي يوما عن التنبيه لأهمية هذه الكتلة من البشر ولا عن الاصطدام بكل السياسات الحكومية التي لا تعير اهتماما بهؤلاء الناس مع أنها صمام الأمان الذي يحمي الجميع من الضياع. في الأيام القليلة الماضية استضاف حجازي طفلا في العاشرة من عمره, حفظ القرآن الكريم في ثلاثة شهور بجانب حفظ الآلاف من الأحاديث النبوية, هو شريف سيد مصطفي, الطالب الأزهري بمعهد مدينة نصر النموذجي.. وما من شك أن حوار حجازي مع الطفل المعجزة قد شد انتباه الملايين في مصر وخارجها تماما مثلما يحدث مع كل شخصية عبقرية تتسم بالتفرد والتميز في القدرات بين البشر, ومنذ مدة كان حجازي قد استضاف طفلا آخر معجزة( الطفل عمرو), انطلقت عبقريته في العلوم الطبيعية( الرياضيات) وليس في المجال الديني, حيث استطاع هذا الطفل الآخر أن يتفوق علي زملائه في الجامعة الأمريكية ممن يدرسون في نهاية المرحلة الجامعية, وآنذاك صرخ حجازي في وجه المسئولين عن التعليم مطالبا برعاية مميزة لهؤلاء الموهوبين, وكرر صرخته أيضا في حالة الطفل شريف سيد. في كلتا الحالتين, واصل حجازي رسالته التي تبناها منذ وقت طويل عبر صفحات الأهرام قبل أن ينقلها إلي الشاشة الصغيرة, بضرورة الاهتمام بالنشء اقتناعا منه بأن لدي مصر إمكانات بشرية هائلة هي في الحقيقة العمود الفقري لأي تقدم تريد أن تحققه وليس أي مصدر آخر للثراء, وبإحساس صادق منه أيضا بأن آخر ما يتم الاهتمام به في مصر هو البشر, بمعني التقصير في الرعاية الجادة وطلب الخير للناس جميعا بعيدا عن أي فروق اجتماعية أو مادية.. وهكذا لم يتوقف حجازي يوما عن كشف الكثير من التصرفات الرسمية وغير الرسمية التي تتعمد قتل القدرات البشرية وإحباط الناجحين, وفي نفس الوقت لم يتخل يوما عن تفاؤله بأنه سيأتي اليوم الذي سينتصر فيه صناع الخير علي أعداء النجاح. حلقة البرنامج عن الطفل العبقري شريف سيد, قالت الكثير لكل المتابعين للشأن العام في مصر, بل ولأولئك أيضا في البلاد العربية الأخري حيث يواجه الجميع حالة من التشكيك في الذات وقلب الأوضاع رأسا علي عقب تحت ما يسمي تحت العنوان العريض الذي تاهت حقيقته وهو الدعوة إلي التغيير. لقد كان التوقيت مناسبا للغاية, وكذلك الموضوع لتقديم مشهد مختلف لمثل هذه الحالة المدمرة, حتي يقف الناس علي أرجلهم لا علي رؤوسهم! فبينما كان الرأي العام يتابع جولات محمد البرادعي المثيرة للجدل, ومظاهرات كفاية و6 إبريل واعتصامات العديد من الفئات المقهورة أمام مجلسي الشعب والوزراء, بكل ما في ذلك من مشهد سوداوي يعطي الانطباع بأن مصر علي حافة الخراب والفوضي, قدمت الحلقة الشيقة صورة مختلفة تماما هي الأقرب إلي حقيقة ما يجري من أحداث وإلي ما يعتصم به القطاع الأكبر من ملايين المصريين في وجه المتغيرات المتسارعة, ألا وهو النزعة إلي البناء والتعمير وإحراز التقدم بعيدا عن أي فذلكات سياسية ينشغل بها أصحاب الياقات البيضاء أو فرسان البرامج الحوارية الفضائية, فها هو طفل صغير من أسرة فقيرة, وعبر مؤسسة من مؤسسات الدولة( معهد أزهري) لا تمتلك رفاهية الإمكانات كغيرها من مؤسسات خاصة عديدة, واستعانة بشيوخ بسطاء, وبعيدا عن أي دعم من الجمعيات التي يجري تمويل نشاطها من الخارج, يستطيع أن يحقق معجزة ويطرح نفسه أمام الملايين ممن شاهدوه, قدوة صالحة ورمزا لعزيمة البناء والصلاح التي يتحلي بها المصريون منذ القدم, وبفضلها وحدها حافظوا علي بقائهم وصمودهم أمام رياح التغيير. ولعل رد الفعل علي مجريات الحلقة كان شاهدا علي أن هذه القيمة لم تندثر, لقد سأل حجازي الطفل المعجزة عما إذا كان له مطلب معين, فلم يطلب سوي أن يؤدي العمرة هو ووالده الكادح, فجاءه سريعا الرد من أهل الخير( كثيرون لم يذكروا أسماءهم) ليس فقط لتحمل نفقات العمرة, وإنما لمساعدته هو ووالده ماليا, هنا اغرورقت عينا حجازي بالدموع وطلب فاصلا, ولعل المشاهدين كانوا في نفس حالته وسط مشاعر تأججت بانتصار الخير علي الشر. شريف سيد ليس الحالة الوحيدة في مصر, فهناك الآلاف إن لم يكن الملايين من الواعدين هم تراب هذه الأرض الطيبة الذين لا يتحدث عنهم أحد, ولا يريدون أن يتحدث عنهم أحد, ولا أن يكونوا ضيوفا كل مساء علي مائدة الفضائيات, فقط يريدون العدالة الغائبة التي لو تحققت لاختفت خفافيش الظلام إلي غير رجعة.. وإلي أن تتحقق العدالة الاجتماعية سيظل حجازي وفريقه ينقبون عن هؤلاء الناس ويضعونهم في دائرة الضوء ليقهروا الظلام.. ونحن معه أيضا.
|
| |
|