لا يَصلح ولن يُصلح!

مشفق أنا علي الإخوة الذين تحمسوا لوزير التعليم أحمد زكي بدر واعتبروا زيارته الشهيرة لمدرسة في حلوان فتحًا ونصرًا مبينًا وهللوا لقراراته بالفصل والنقل والتشريد للمدرسين وحضرة الناظر، ووصفوا ما فعله الوزير بثورة إصلاح وتنظيف للتعليم من الفوضي والإهمال، ونصحونا بضرورة الوقوف بجانب الوزير في حملته من أجل استعادة الانضباط في المدارس!

ما رأي هؤلاء الإخوة الطيبين منهم والمطبلين فيهم عندما تراجع وزير التعليم عن قراراته العنجهية والاستعراضية التي اتخذها في وقفته التليفزيونية خلال زيارته المدرسة؟

الوزير أوقف قراراته في مؤتمر عقده منذ يومين مع وزير الإنتاج الحربي الذي هو نائب لدائرة حلوان التي تتبعها المدرسة ومدرسوها، كويس خالص، نسأل بقي لو فيه وقت عند حضراتكم:

1- هل تراجع الوزير فأوقف قرارات نقل الموظفين المائة (فيما عدا العشرة الذين نفذوا فعلاً وكأن ذنبهم أنهم استجابوا بسرعة ونفذوا الأوامر بتعجل الواجفين الخائفين!!) لأنه قد ثبت ظلم ما اتخذه من عقوبات؟

2- أم لأنه تأكد من عبثية وعشوائية أن ينقل طاقم مدرسة بالكامل فتتوقف حصصها ودروسها وأعمالها الإدارية وتتعطل مصالح طلابها ومدرسيهم وترتبك إدارات تنقل في منتصف العام الدراسي تقريبًا مدرسة بالكامل وتعين طاقمًا جديدًا تأتي به من إدارات أخري ترتبك هي أيضا؟

3- وربما تراجع الوزير لأن التحقيقات التي انفتحت بناء علي أوامره لم تجد مسوغات قانونية واضحة ولا اتهامات إدارية دامغة تورط فيها هؤلاء المنقولون، فليست مجرد رغبات وصيحات سيادة الوزير قانونًا يسري ولا لوائح تُطبق؟!

4- أم أن الوزير تراجع عن قراراته محبة ومودة لنائب الدائرة سيادة الوزير زميله في المجلس ونزولاً علي وساطته وتدخله الكريم لأبناء دائرته الأعزاء؟

إذا كان سبب التراجع هو إحساسه بظلم قراراته للمدرسين والعاملين فهذا دليل كامل علي أن قرارات جنابه كانت استعراضية، والغرض منها صنع هالة حول الوزير الخطير والجبار الذي يتغدي بالولعة ويتعشي بالنار، وإذا كان السبب أنها سوف تخلق ارتباكًا رهيبًا يؤثر في المدرسة أكثر من تأخر ناظر ربع ساعة عن الطابور أو أن فراشًا أهمل أو مدرسًا غاب، إذن تبقي غير مدروسة وعشوائية، فالقرارات الانفعالية الاستعراضية التي تستهدف وجه الكاميرا لا تصمد أمام المنطق والعقل، وربما تحصل علي تصفيق من جمهور طيب ينضحك عليه بمزاعم البحث عن الانضباط وإنهاء الفوضي ولكنها لا تخيل علي الذي يشغِّل عقله، فلا يمكن بالاستعراض التليفزيوني وبالاستخفاف المتعالي والإهانة المتعمدة أن تحل مشكلة أو تنهي واقعًا رديئًا، وإذا كان سبب تراجعه عن قراراته هو ثبوت عدم قانونيتها فهذا يصم الوزير نفسه بإهمال القواعد وبتخبط قراراته وعدم اتزانها الإداري وغياب التزامها القانوني!

أما إذا كان السبب هو وساطة الوزير النائب سيد مشعل ومحبة ومودة الحزب الوطني وواجب الزمالة، فهذا يسمح لنا بأن نقولها بوضوح : إبقي قابلني!

إبقي قابلني أن وزيرًا يتخذ إجراءات يدعي أنها لإصلاح التعليم ثم يسحبها عشان خاطر سيادة النائب! هذا وزير لا يصلح لبناء عقل المواطن المصري كما أنه لن يُصلح نظام التعليم المتخلف السائد.

سياسة الانضباط ومواجهة الفوضي إذن التي زعق بها الوزير الغضنفر في مدرسة حلوان، تراجع عنها مع نائب حلوان وكأن هذه السياسة ساعة تروح وساعة تيجي!

إلي الذين أحبوا الوزير وحيوه وهللوا له وطبلوا وزمروا لما فعله من خطايا قانونية وتربوية وسياسية في زيارته مدرسة الخلفاء الراشدين في حلوان: معلش تعيشوا وتاخدوا غيرها!