الدكتور نظيف جداً.. جداً!

ولما كانت الزيارة المتوقعة من الأفاضل المسئولين الكبار، وهم كما تعلمون لا ينسون الشعب أبداً في ومع كل كارثة أو مصيبة تقع علي دماغ الشعب..

ارتدي السادة الكبار وعلي رأسهم رئيسهم معالي دولة سعادة السيد الدكتور الفخيم رئيس الوزراء المبجل بارك الله لنا فيه وأسعدنا به وبنظافته.

جاء السادة ورئيسهم في أبهي الثياب ورابطات العنق الفاخرة، وتسريحات الشعر المنمقة والعطر المفحفح.. وانطلقوا في الطائرة الخاصة لزيارة منكوبي السيول..

وطبعاً وكالعادة كانت الزيارة متأخرة والسبب كما تعلمون هو.. لابد قبل الزيارة.. من الاستعداد وأخذ حمام جامد واختيار أفخم بدلة وكرافتة وحذاء.. فهم في زيارة رسمية تليفزيونية.. زيارة سيظهر فيها السادة ورئيسهم علي شاشات التليفزيون وهم يواسون الشعب المنكوب..

وهم في الحقيقة لا يعلمون أن الشعب منكوب بهم أكثر مما هو منكوب من السيول!!

المهم خلينا في الزيارة..

تفقد دولة معالي رئيس الوزراء مع رجاله والوزراء والمسئولين ما سببته السيول بعيداً عن عيون الناس وذلك لأن معهم العيون الأهم وهي عيون الكاميرات.. فكيف لا يذهب الكبار بعد أن طار وسبقهم رئيس الدولة نفسه.

تصوروا.. رئيس الدولة ذهب ليتفقد الكارثة قبل رئيس الوزراء.. ويبدو أن السيد المبجل دولة رئيس الوزراء كان مشغولاً بالإعداد لحفل زواجه.. وله منا ألف مبروك.. وإن كنا نتمني أن يتفرغ سيادته للزواج الجديد ويذهب لقضاء شهر العسل لمدة عام أو عامين.. فهل يصح أن يكون شهر عسل رئيس الوزراء مثل شهر عسل العامة؟! قطعاً لا يصح!! هو يحتاج لشهر عسل طويل.. طويل.. طويل!!!!

المهم.. يا ابني خلينا في الزيارة!

بعد التصوير والذي منه.. معرفش مين الشيطان اللي نصح رئيس الوزراء بأنه يذهب لتجمع من الناس المتضررين من كارثة السيول.. حيث يقيمون في مدرسة بلا طعام وبلا بطاطين حوالي ثلاثة آلاف مواطن.. وطبعاً مفيش نظام.. ولا استعداد.. دخل رئيس الوزراء ومعهم زملاؤه والمسئولون الكبار وهجم عليهم الناس يطلبون ويصرخون ويولولون.. مخاطبين رئيس الوزراء بنداء «يا ريس».. وللذي لا يعلم فإن رئيس الوزراء ورئيس مجلس الشعب ورئيس مجلس الشوري يخاطبون جميعاً بعبارة «يا ريس».

ونادي أصحاب الكارثة «الحقنا يا ريس» وإذا بالريس بعد أن تجمع حوله الناس.. يشعر بالضيق من الزحام وأظنه خاف علي الشياكة والبدلة وجايز الحذاء «يتوسخ» فسارع بالانسحاب والعودة ولم يجلس مع أصحاب الكارثة أكثر من خمس دقائق!!.

وليذهب الناس إلي الجحيم.. المهم ألا يكون هناك أي شكل من أشكال الاحتكاك برئيس الوزراء حفاظاً علي أناقته.

والسؤال الآن..

لماذا ذهب رئيس الوزراء إلي هناك؟!

ماذا فعل رئيس الوزراء هناك؟!

لماذا لم يضع كرسياً ويجلس وسط الناس ويستمع إلي مشاكلهم؟!!

ثم أهم لماذا.. لماذا لم يعلن أن مناطق السيول هي مناطق منكوبة؟!

والمناطق المنكوبة تعامل كالتالي:

أولاً- توجه كل إمكانيات الدولة إلي المنطقة المنكوبة.

ثانياً- تبدأ الهيئات العالمية الاجتماعية بتوجيه المساعدات لهذه المناطق.

ثالثاً- وهذا هو الأهم.. تتوقف الدولة عن أخذ أي أموال ضرائبية أو أي أموال من أصحاب هذه المناطق المخصصة للدولة.

وتعريف النكبة: هي المنطقة المتضررة من كارثة طبيعية أو أحداث شغب كبيرة.. بحيث يكون الضرر كبيراً..

ويا..

يا رئيس الوزراء أي ضرر أكبر من هذا؟! إنها كارثة طبيعية يحيطها كم هائل من الفساد الإداري والتخطيطي وأداء المحليات.. وهذا موضوع آخر..

وفي النهاية لا نملك إلا التأكيد علي عطاء معالي رئيس الوزراء وحرصه علي الشياكة والنظافة، ولم لا وهو الدكتور «نظيف».. بل نظيف جداً.

ونتقدم له بالشكر والعرفان.. ونهديه أغنية «دقوا المزاهر»..

أما منكوبو السيول.. فلهم الصبر والسلوان ونهديهم أغنية.. إني أغرق.. أغرق.. أغرق..